قراءة في معركة تحرير طرابلس

0 432

فادي عيد وهيب

في بيان حاسم أعلن المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية اللواء احمد المسماري اطلاق عملية تحرير طرابلس، كي يعلن بداية معركة هي الاهم على الصعيدين السياسي والعسكري.
معركة طال انتظارها وصبرعليها الليبيون الشرفاء كثيرا جدا، ولكن جاءت اللحظة، فكيف جاءت تلك اللحظة الحاسمة، وما وراء كواليس ذلك المشهد التاريخي؟
ما لا يعرفه الكثيرون ان الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، عمل على تطويق طرابلس منذ اسابيع، فكل يوم كان يقترب منها الى أن عمل على تطويقها، وبداية تحرير طرابلس كانت مع اطلاق الجيش الليبي عملية تحرير الجنوب بمنتصف يناير الماضي، والتي حققت فيها الرجمة (مقر القيادة العامة للجيش الليبي) مكاسب سياسية على الصعيد الدولي أكثر من المكاسب العسكرية بالميدان، بعد أن اعلنت قبائل الجنوب تضامنها مع الجيش الليبي ضد الارهابيين والمرتزقة.
ومن هنا قدمت المؤسسة العسكرية الليبية نفسها للخارج كلاعب سياسي بارع يجيد حل أعقد الامور بالخطاب، بعد ان دخل الجيش عددا من المناطق بالجنوب من دون اطلاق رصاصة واحدة، وكعسكري نظامي منضبط يستطيع فرض الحسم العسكري عند الضرورة والوقت في أي معركة مسلحة، وهو الامر الذي تفتقده كل الكيانات العسكرية بطرابلس، والتي هي بالاساس مليشياوية لا جيوشا نظامية.
وهذه النقطة التي أجبرت دولا وانظمة غربية كانت ترى في بقاء العصابات في الحكم على طرابلس ومن ثم ليبيا ضمانا لاستمرار مصالحها في ليبيا، ولكن الامور أثبتت العكس بعد ان تحولت طرابلس وما حولها الى أكبر مورد للمهاجرين غير الشرعيين لدول جنوب اوروبا.
في خطاب المسماري نستشف بوضوح عدم اعتراض المبعوث الاممي غسان سلامة لما يقوم به الجيش الوطني الليبي، وهذا غير مفاجئ،فنحن نتذكر كيف تغير التعامل الاميركي في الملف الليبي مع حضور السفيرة الاميركية ستيفاني ويليامز كي تفرض حضور بلادها بجوار الحضور الفرنسي والايطالي في ليبيا، ومن ثم توجيه غسان سلامة نفسه.
كذلك كان ضروريا في ذلك التوقيت في ظل ما يحدث بالجزائر الملاصقة لحدود ليبيا الغربية،اطلاق عملية تطهير الغرب الليبي، استباقا لأي سيناريو قد يحدث بالجزائر مستقبلا في ظل ما تشهده بلد المليون شهيد من حرب تكسير عظام في الكواليس،سواء بين اجنحة الداخل (رجال اعمال، جنرالات سابقين وحاليين، معارضة، اسلاميين)، أو الصراع الذي يتطور كل يوم بين المستمعرين القدامى ودول اقليمية.
ولا ننسى أن ليبيا تمثل تحديا مهما للثلاثي العربي «مصر، الامارات، السعودية»، فهي حلبة مبارزة شرسة بين ذلك الثلاثي من جانب،وقطر وتركيا من جانب آخر.
ولذلك جاء لقاء الملك سلمان والامير محمد بن سلمان مع المشير خليفة حفتر في قصر اليمامة بالرياض، بالتزامن مع لقاء الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد في الاسكندرية، وهي الزيارة التى شملت جولة لقاعدة محمد نجيب العسكرية الواقعة بالقرب من الحدود الليبية. فشمال افريقيا يفرض نفسه على جدول اولويات الثلاثي العربي، بحكم ما يحدث في ليبيا والجزائر من تطورات، وبحكم ان الامر في الشام بات مقتصرا على معادلة لا احد يستطيع تغييرها او تعديلها الا برضا الكبار فقط (الاميركي والروسي) وكل من سيحاول السير عكس تلك المعادلة سواء كان الايراني او التركي سيدفع الثمن غاليا جدا. ولا يفوتنا ان الامور في شمال افريقيا لن تتوقف عند ليبيا والجزائر فقط، بل ستمتد لموريتانيا ايضا التي تستعد لاجراء انتخابات في يونيو قد تكون هي الاكثر سخونة في ظل ما اقدم عليه قادة التحالف الانتخابي للمعارضة الموريتاني من تشكيك في مصداقية الانتخابات الرئاسية، بعد انتقادهم الناري للجنة المستقلة للانتخابات، كي ننتظر صراعا بين ثلاثي «المعارضة، الاسلاميين، مرشح المؤسسة العسكرية ولد الغزاوني».
أخيرا، أوجه سؤالاً للمدعو فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني أو بالأدق حكومة الصخيرات:
الم تكن تشكو دوما يا رئيس حكومة الوفاق من ان طرابلس مختطفة من قبل العصابات والميليشيات الارهابية واللصوص؟
اذا لماذا اعلنت النفير العام ضد الجيش الوطني الليبي الذي سيحرر طرابلس من تلك العصابات والميليشيات؟
ام انك انت نفسك جزء من تلك العصابات؟
عموما،طرابلس حان وقتها يا حكومة الفرقاطة، ولا عزاء لكم غير سرادق عزاء حزب العدالة والتنمية التركي، وبالتأكيد ستتكفل الدوحة بمصاريف العزاء الذي لن يحضره احد سوى ما تبقى من قيادات التنظيمات الارهابية بسورية والتي تم شحنها ونقلها سريعا في الساعات القليلة الماضية من سورية الى ليبيا لانقاذ ما يمكن انقاذه من نفوذ الدول الراعية للارهاب بالاقليم.

باحث ومحلل سياسي
بشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا

You might also like