قصة إفلاس اليونان درس للكويت مختصر مفيد

0 86

أحمد الدواس

أسرفت الحكومة اليونانية على نفسها بعد سنة 2008 ، وأخذت تنفق بشكل هائل ” كأن ليس هناك غدٌ “وفق أحد الاقتصاديين ، وأصبح إنفاقها أكبر من حصيلة الإيرادات العامة ، وحتى تستمر بالإنفاق اضطرت للاقتراض، ولتسديد ما عليها من دين طلبت قرضاً لتسديد الدين الأول، وهكذا، وما إن تحاول اليونان إيجاد حل للمشكلة حتى تقع في مشكلة أخرى.
انصاعت اليونان لنصائح الهيئات المالية الدولية، ففرضت إجراءات التقشف على المواطنين، وأصبح المواطنون يعانون من ضائقة مالية حادة، فخرجوا يحتجون في الشوارع، اذ إن أموالهم لاتكاد تكفي لدفع تكاليف المشتريات وأقساط البنوك، وساد غضب شديد بين اليونانيين، وسقط كثير منهم مرضى، أو تعرضوا لأزمات صحية خطيرة نتيجة لهذه الأزمة المالية، كما اصطفوا أمام اللجان الاجتماعية للحصول على نصيبهم من الطعام، وارتفع معدل الإدمان على المخدرات هروبا من الوضع المأسوي، وانتحر بعضهم، مثلما انتحر بعض التجار الأرجنتينيين عندما انهار سعر صرف العملة الأرجنتينية.
فإذا كانت هذه حال اليونان، واقتصادها من بين أكبر الاقتصادات العالمية، وفيها مصادر دخل متعددة، كالزراعة، والصناعة، والسياحة، والمعادن والطاقة الكهرومائية ، ومع ذلك تعرضت إيراداتها لانخفاض شديد، فماذا نتوقع من الإسراف الحكومي في الكويت التي لها مصدر دخل واحد وهو النفط ، اذ من المحتمل ان نـتعرض مستقبلاً لما أصاب اليونان ؟
هذا ماقلناه في يوم 27 أكتوبر 2011 أي قبل إحدى عشرة سنة، ثم طالعتنا الأخبار بأن الاحتياطي العام للدولة في خطر( “السياسة” عدد 18 يناير 2018 )، وأن “الاحتياطي العام بالرمق الأخير”(” القبس” 8 أكتوبر 2019) .
الكويت لاتتعلم أبداً من الدروس الاقتصادية ، فقد أنفقت على اقتصادات الدول العربية ما يزيد على 42 مليار دولار خلال خمس سنوات فقط حتى سنة 2016 ، ومازلنا نُصـر على مساعدتها، وهم أغنى منا بما لديهم من زراعة، وأنهار تُطعم الانسان منذ بدء الخليقة ، بينما الكويتي يعاني من تكاليف المعيشة، وشباب الكويت يقف في طابور ينتظر الوظيفة، مع ان الأقربين أولى بالمعروف.
كان الأجدر بالحكومة ان تهتم بأصحاب الأرض، لاهدر أموال البلد لإنقاذ اقتصاد كل بلد عربي وأفريقي وآسيوي يتضرر من وضع داخلي ، لماذا تُنفق أموال الدولة والأجيال القادمة لتحسين حال هذا البلد أو ذاك، فيما بلدانهم تخطئ ونحن ندفع ثمن أخطائها ؟ ولن يساعدنا هؤلاء أبدا ان دار بنا الزمان وأصابنا الفقر .
ثم ان هناك خطر استعمال العالم للسيارة الكهربائية وانتشر استخدام الطاقة الشمسية ، عندئذٍ سينهار سعر النفط، ولن تغطي إيراداته مصروفات الحكومة ، ولا معاشات الموظفين، وسندخل في دائرة الفقر، وينقلب وضعنا الى فقر وندامـة ، أسوأ بكثير من وضع اليونان، فمن يساعدنا إذا أفلست البلاد ؟ لم تترك الكويت بلدا في العالم إلا وأهدرت أموال البلاد عليه بحجة المساعدة الإنسانية ، بينما نحن لانملك زراعة ولا أنهارا، ونحن نغــتر بالنفط ، فدولة مثل أيسلندا نجحت منذ سنوات في فصل غاز الهيدروجين عن الماء، وحقــنته في محرك السيارة بديلاً عن النفط ونجحت التجربة ، ودول أخرى أنتجت السيارة الكهربائية، وانتشر استخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع عالمياً .
لتتعظ حكومتنا من الدرس اليوناني، ولتضع مسؤولين أكفاء لإدارة البلاد، لا المشكوك بقدراتهم العلمية أو المحسوبين على هذا التيار أو ذاك ، لنسرع في إنقاذ بلدنا وعـيالنا قبل فوات الأوان ، فالمستقبل للطاقة الشمسية وطاقة الرياح ، لاطاقة النفط .
النمسا تعالج الوضع الداخلي بشكل جيد، فلديها هيئة تجمع الحكومة مع مجموعة من المفكرين الأكاديميين والعمال، والصناع، ويناقش هؤلاء المسائل المتعلقة بالشأن المحلي، ثم يرفعون التوصيات المناسبة الى البرلمان والوزارات المختصة.
خلال حكم المستشار النمساوي برونو كرايسكي بين عامي 1970و 1983 صدرت قوانين نفعت المجتمع إلى وقتنا هذا ، لذلك نتمنى على حكومتنا ومجلس الأمة دراسة تجربة النمسـا، وإنشاء إدارة لمواجهة الأزمات المحلية مشابهة للحال في النمسا .

سفير كويتي سابق

You might also like