قليل من الأدب
حمد ناصر الدغيشم
افتتح الجاحظ مقدمة بعض كتبه بدعاء هو “اللهم اني اعوذ بك من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العي والحصر، وأعوذ بك من التكلف لما لا أحسن، وأعوذ بك من العجب بما أحسن”.
لابد أن ندرك أن الأدب يعد من أهم أدوات استنهاض البشرية، ولهذا نجد من المهم جدا الدخول الى الأدب من بوابة الشريعة التي اهتمت في هذا المجال وأولته العناية المستحقة.
اتذكر أننا جميعا كنا في بيتنا ننتظر ساعة برنامج ذلك الرجل ذي الشيبة المفوه الذي دائما يوفق في اختيار نصوص أدبية مميزة، ويوظفها خير توظيف لتصدح بين الناس، وتنتشر خير انتشار، فنجده يحقق ما لا يحققه خطيب في خطبته، فضلا عن استخدامه مجموعة من الأدوات والمسارات الأخرى، هذا هو علي الطنطاوي، رحمه الله تعالى.
وخير دليل على أهمية الأدب عند الخلفاء الراشدين، وبعض وجهاء العرب، فقد كانوا يستخدمون “المؤدبين”، وهم المتخصصون في التربية الأدبية من خلال البناء المعرفي والأخلاقي في الأدب.
فمفهوم الأدب استخدم في السابق بقصد البعد الأخلاقي، ثم انتقل إلى مستوى آخر من البعد المعرفي، ولهذا حصل التمايز بين المجالين الأخلاقي والمعرفي.
ولما أدرك الناس أهمية الأدب في حياتهم جعلوا له بالغ العناية، فقد كان يحضر مجلس الأمام أحمد بن حنبل خمسة الاف طالب، منهم 500 يكتبون عنه الحديث، و 4500 يأخذون منه الأدب، ويقول أحد تلامذة الإمام مالك:” ما أخذنا من أدب مالك أكثر مما أخذناه من السنن”. ومما اشتهر عند السلفية عبارة “نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم”. ويؤكد النبي(عليه الصلاة والسلام) على أهمية الأدب من خلال قوله( صلى الله عليه وسلم):” أصدق كلمة قالها شاعر، كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل”.
كاتب كويتي
H_aldughaishem@twitter