قوانين برلمانية للدغدغة اتجاه الصميم
نافع حوري الظفيري
نعيش الآن في القرن الحادي العشرين وأصبح الطفل ذو الستة أعوام يعرف الأمور أكثر مما كنا نعرفها ونحن في الرابعة أو الخامسة عشرة من العمر بسبب التطور العلمي وتطور الاتصالات الحديثة.
الكل يعرف ما يدور بعقل النائب في مجلس الأمة حتى وان لم يتكلم تحت قبة البرلمان، فبعض السكوت وان لم يكن من ذهب فإنه يدل دلالة معينة على موقف كل عضو يمثل الأمة.. إلا أن بعض مطالبات البرلمانيين خصوصا عندما تكون مطالبات وقتية تنتهي بانتهاء سببها، فالنائب بعدها ينسي ما طالب به والمواطن ينسي ما كان يطالب به النائب في تلك المرحلة لأنها فترة وعدّت ولا يرجو من وراءها فائدة في هذا الوقت. ولا تتكرر تلك المطالبات إلا برجوع السبب الذي تكلم عنه النائب وما طالب به، فمثلاً خلال شهر رمضان المبارك، وعندما يتردد النواب على الديوانيات فهناك مطالبة واحدة هي انه، لماذا لا تعطل الدوائر الحكومية خلال العشر الأواخر أسوة بالشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وذلك لحاجة جميع الموظفين للراحة والتفرغ للعبادة في هذا الشهر الفضيل.
ورغم معرفة الكل انه من المستحيل تطبيق تلك القاعدة في الكويت لأنها تحتاج الكثير من العمل الاقتصادي والقانوني لا يتوافر عندنا كما هو في السعودية التي لها أسبابها الدينية وموسم للعمرة لا يقل شأناً عن موسم الحج خلال هذه الفترة، بالإضافة إلي المساحة الشاسعة التي تختلف عنا. وما أن ينتهي هذا الشهر الكريم حتى يتم نسيان كل شيء إلا بعد سنة عند قدوم شهر رمضان للسنة التي تليها.
وها هي أزمة السيول وفيضان الشوارع التي حدثت مؤخراً وكثر الكلام والاتهامات المتبادلة والتهديدات بالمساءلة البرلمانية والمطالبة بالتعويضات وقامت الدنيا على المسؤولين المتسببين في تلك الكارثة رغم أن الكارثة التي وقعت قبل سنتين كانت أكثر وطأة من الكارثة الأخيرة إلا أن ذلك كله تم نسيانه بسرعة فائقة لأن الشوارع عادت كما كانت ولا توجد قطرة ماء تذكرنا بما تم وقلب الدنيا من أجله، وانتهى الأمر، وكل شيء على ما يرام وعادوا إلي قواعدهم سالمين.
وعندما يخسر منتخبنا أو يخرج من أي بطولة خالي الوفاض ويرجعون إلى مطار الكويت الدولي ولكن من دون استقبال ويباب وورود فإن الشارع تجده يغلي والنواب تقوم بفتح أسلحتها الثقيلة علي إدارة اتحاد كرة القدم والوعيد الذي لا ينتهي حتى أن من كثر اهتمامهم وكأننا خسرنا المباراة النهائية لكأس العالم، وما يمر إلا أسبوع أو أسبوعان حتى تجد أن لا خبر ولا همسة عن تلك الخسارة.
نحن شعب دائماً نتصرف ونطالب وفق العاطفة وتلك المطالبة دائماً تكون وقوداً واستغلالاً من البعض لإثبات وجودة ورغم أن بعض تلك المطالبات يكون بعيدا عن الواقعية إن لم يكن من المستحيل.
الفنان والناقد المسرحي جورج برناردشو يقول: “التقدم مستحيل من دون تغيير، فأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء”. المطالبة بالقوانين التي تدغدغ العقول والشارع عفى عليها الزمان، فلنكن واقعيين وعندما نكون بعقولنا لا نطلب المحال إذا كنا نريد أن يستمر نمو وطن العطاء لأجيالنا وأجيالهم.
اللهم احفظ الكويت.
محام وكاتب كويتي
Nafelawyer22@gmail.com