كل شيء يبدأ بالقسم وينتهي به!
حسن علي كرم
كان من المفترض ان يتبع استقالة الحكومة حل المجلس،لكن يبدو ان الرغبة على الاقل في الظرف الراهن ليست لمعارك جانبية لن تحقق الاهداف النهائية التي يتوخاها كل من الشعب والقيادة السياسية.
الكويت طوال الثلاثين السنة الاخيرة تعيش في دوامة لا تنتهي بين حل المجلس واستقالة الحكومة، وهو ما جلعها تتخلف عن الركب التنموي الذي تعيشه الدول الشقيقة، بل وصرنا ملطشة ومضحكة لكل سفيه وجاهل، بينما في الواقع، رغم كل معاناة الكويتيين السياسية والتنموية، الا اننا نبقى نحن الافضل من هؤلاء الذين يعايروننا، فلا يعاير الا جاهل او حاقد وحسود.
رغم ما يطولنا من تلك الثلة الجاهلة والحسودة، علينا ان نعترف اننا في ذيل دول الجوار، وهذا بحد ذاته معيب للبلد الذي ينعم بكل سبل النجاح، فمال وفير وشباب متعلم اعلى درجات العلم والذكاء، لكن العلم والذكاء والمال، للأسف، لا توظف في المكان المناسب، بل هناك من يحاول ضرب اسفين بين تنمية البلد وابنائه المخلصين.
لا ابالغ اذا قلت ثمة رياح مسمومة ومعادية تهب علينا من اطراف ليست بعيدة ولا غريبة، وهي لا تريد للكويت خيراً، التي هي في منطقة مظلمة، فتصور ان تعيش في منطقة مظلمة وانت وحدك تتمتع بالنور ونعمة الخير ورغد العيش!
اعود مجدد ا الى القول اننا محسودون ومهما كذبنا على انفسنا، وقلنا غير ذلك، فلا مهرب لنا من الحقيقة، وان الدول كالبشر تحسد وتحقد وتتأمر وتبعث جواسيسها الى دول تراها منافسة، فيدس العملاء بين اضلاع الشعب ويعيثون فساداً وفتنة وتفريقاً وتمزيقاً في اشلاء الامة واضلاع الشعب الواحد، لذا نقول: افتحوا عيونكم وافتحوا اسماعكم وشاهدوا ماذا يدور من خلفكم، فكل شيء بات واضحاً وقد انتقلت المعركة من السرية الى العلن!
من اهم النعم التي نعيشها الديمقراطية، وهي نعمة لو تحسبها لوجدتها لا توازيها في كل المنطقة ديمقراطيات شكلية، تراها في ظاهرها ديمقراطية وفي حقيقتها ديكورات تسرق العيون وتسلب العقول، لذلك ديمقراطيتنا تشكل وضعاً شاذاً وقلقاً يرعبهم، ويسرق النوم من جفونهم، وهو ما لا نشعر به لاننا نرى بعين الحقيقة، وهؤلاء يسطعون بعين المرارة.
ان ما يقال عن الفساد وما يطال البلاد من تخريب لا ينبغي ان نراه على انها بايدي مواطنين، فالفساد ليس كله كويتياً وعلينا ان نميز الطيب من الخبيث، فالغش في اختبارات الثانوية العامة، مثلاً، لم يتفش الا لان هناك من رأي ان مصلحته تعميم الغش، وتسميم العقول، وتعميم الجهل، وتسهيل النجاح، ومن دون مجهود في المراجعة والدراسة وسهر الليالي، وهو يكفيه ان يقبض نتاج جريمته بالمال السحت!
ثلاث وزيرات على التوالي تقلدن منصب وزارة الاشغال، وفي عهدهن برزت الشوارع الخربة والمجاري المسكرة، وحتى هذه اللحظة لا تزال تلك المعضلة بلا حل.
الثلاث وزيرات تقدمن منصة الاستجواب، وكان استجوابهن ليس محاسبة على قصورهن في اعمالهن، فالاولى بررت الفساد بان شركات المقاولات اقوى من قاعة عبدالله السالم وهربت، وتصورت ان الخلاف خناقة كما لو كانت بين زوجين، لا ان المسألة محاسبة اموال تهدر وفساد يتسع!
هناك من يتوخى ان المجلس راحل، وهو ما لا نرجوه، اذا كان الحل لمجرد الحل وعودة الوجوه ذاتها او شبيهة لها، فنحن في الحقيقة نحتاج الى مراجعة شاملة، وعلينا ان نلتفت من خلفنا ويميننا ويسارنا، فالوضع لا يتحقق بحل وانتخاب ثم حل ثم انتخاب، اذ مع كل خطوة نعود الى الوراء.
كذلك لم يتحقق في الاصلاح في المجلس، فهناك كذابون ومنافقون، يحلفون وفي قلوبهم امر اخر، اما الوزراء فلا حول لهم ولا قوة يدخلون الى قاعة المجلس وقد كممت افواههم، وكأن مهمتهم السكوت لا الدفاع عن مهمتهم.
عندما يكون الوزير ضعيفًا يمر الفساد من بين قدميه، لذا فان الامر يبدأ بالحكومة وينتهي بها، اما هؤلاء النواب ليسوا الا مغردين، ربما تعود الحكومة بكامل اعضائها، وربما هناك من يعزف او يعتذر، لكن يبقى في الاختيار توقع الخطأ!
صحافي كويتي
hasanalikaram@gmail.com