«كوفيد 19» وحقوق العاملين

0 305

علي الرفاعي

Alrefai911@gmail.com

لا ريب أن العالم يواجه فيروسا مستعصيا ينخر أجساد الدول والمجتمعات، ولمواجهة الانتشار السريع للفيروس المستجد في البلاد والعمل على احتوائه أعلنت الحكومة عن حزمة من الإجراءات الاحترازية، منها تعطيل العمل في القطاعين الحكومي والخاص، عواقب الوباء الفتاك لم تقتصر على الأضرار الصحية فقط، بل امتدت أيضا إلى حقوق العاملين في القطاع الأهلي بشكل خاص نتيجة للتصرفات والممارسات الخطأ لبعض أرباب العمل مثل حرمان العامل من أجره أو تخفيضه أو وقف عقد العمل لوجود مانع موقت يمنع من تنفيذ العقد.
يعد الأجر الالتزام الأساسي والجوهري في علاقة العمل، فهو ذو أهمية بالغة بالنسبة إلى العامل، حيث انه يمثل في غالبية الحالات مورد الرزق الوحيد للعامل، ولا مراء من ان حرمان العامل من حقوقه أو انتقاصها أو تخفيضها هو اخطر من «كورونا» وافتك من أي وباء في العالم.
القاعدة العامة الأجر مقابل العمل، فإذا لم يقم العامل بأداء العمل فإنه لا يستحق الأجر، فلا اجر من غيرعمل لوجود علاقة سببية بين الأجر والعمل والقاعدة المذكورة تطبق في كل حالة لا يؤدي فيها العامل العمل لسبب يرجع إليه، أما إذا كان عدم قيام العامل بالعمل لسبب لا يرجع إليه فقد يكون مستعدا لأداء العمل وقادرا عليه، ثم يمنع منعا موقتا لأسباب لا تعود إليه ففي هذه الحالات يتعين النظر في تطبيق قاعدة الأجر مقابل العمل، ومن ثم يجب ألا تربط هذه القاعدة بأداء العمل بالفعل، وإنما يكفي استعداد العامل للعمل مع قدرته على أدائه حتى لو لم يؤده بالفعل، وقد قضت محكمة التمييز في الحكم رقم 56/86 عمالي، جلسة 24/11/1986 تطبيقا لذلك: بأنه «ولئن كان الأصل أن أداء العمل المتفق عليه شرط لاستحقاق الأجر، إلا أنه متى كان العامل مستعداً لأداء العمل المطلوب منه ووضع نفسه تحت تصرف صاحب العمل فإنه يستحق الأجر ولو لم يؤد بالفعل عملاً.
«وقد كرس المشرع الكويتي في المادة (61) من قانون العمل في القطاع الأهلي هذا المبدأ حيث نص صراحة على انه إذا لم يكن توقف العمل في المنشأة بسبب العمال، ورغب صاحب العمل في استمرارهم في العمل لديه بعد استئناف العمل في المنشأة، فهنا يلتزم صاحب العمل بدفع أجورهم طيلة توقف المنشأة عن العمل.
ونظرا لأهمية الأجر ليس فقط بالنسبة للعامل، بل بالنسبة لأسرته كاملة فقد اهتم المشرع بالأجر وأحاطه بضمانات عدة وجعل الخصم أو الاستقطاع منه أو الحجز عليه مقيدا بقيود ومحكوم بضوابط أهمها ما نصت عليه المادة 28 في فقرتها الثانية من القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الاهلي،»وسواء كان عقد العمل محدد المدة او غير محدد المدة لا يجوز تخفيض اجر العامل خلال فترة سريان العقد ويعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام كل اتفاق سابق على سريان العقد أو لاحق لسريانه يخالف ذلك».
أما عن وجود مانع موقت يمنع من تنفيذ العقد تنص المادة 215/1 من القانون المدني على ما يلي: « في العقود الملزمة للجانبين، إذا أصبح تنفيذ التزام احد الطرفين مستحيلا لسبب أجنبي لا يد له فيه، انقضى هذا الالتزام، وانقضت معه الالتزامات المقابلة على الطرف الآخر وانفسخ العقد من تلقاء نفسه «وهذا النص يدل على أن السبب الأجنبي كالقوة القاهرة، إذا كانت تتسم بطابع الدوام، فإنها تؤدي إلى استحالة دائمة يترتب عليها عدم تنفيذ الالتزام، ومن ثم تؤدي الى انقضاء العقد بانفساخه.
أما إذا كانت القوة القاهرة موقتة، فلا يوجد نص في القانون يبين حكمها، لكن القضاء مدفوعا بالرغبة في المحافظة على العقد وعدم زواله، وذهب في أحكامه إلى عدم انفساخ العقد في هذه الحالة، وإنما وقف تنفيذه حتى تزول تلك القوة القاهرة، بحسبان أنها موقتة ومصيرها إلى الزوال.
محام كويتي

You might also like