كويت العرب وأمير السلام
د. حازم قشوع
الكويت هي الدولة التي يتفق حول محبتها العرب، وعلى مكانتها العالمية المجتمع الدولي بأسره، وعلى دورها الانساني شعوب العالم، وهي التي ما فتئت تعمل من أجل السلام وتسعى من أجله حتى غدت عنوانه.
هي الكويت، التي مثلت العرب خير تمثيل في المجالات الرياضية في العهد الذهبي، في عهد الشهيد فهد الأحمد الجابر الصباح، حيث شكلت حالة المجد الرياضي العربي الحديث، ومحطة استقطاب لنجوم الرياضة العربية، والتي يذكرها الجميع، أمثال أحمد الطرابلسي وجاسم يعقوب وفيصل الدخيل وعبدالعزيز العنبري وغيرهم.
كما هي الكويت التي قدمت إسهامات خليجية تجاه المسيرة العربية الفنية، وسطعت نجومها في فضاءات الفن العربي ونستذكر منهم لا للحصر، المرحوم عبدالحسين عبد الرضا والفنانة سعاد العبدالله وحياة الفهد وغيرهم الكثير، حتى غدت الكويت إحدى المحطات الفنية المهمة، كالقاهرة وبيروت، ونواة الفن الخليجي.
كما أضافت الكويت إضاءات فكرية من خلال الصحف الأكثر شهرة عربياً كـ”السياسة”، والقبس” و”الرأي العام” ومجلة “العربي” واسعة الانتشار، التي تصدرها وزارة الإعلام منذ العام 1958، وقبل أن تكون هناك دور نشر في معظم الدول العربية.
كانت الكويت، ومنذ أوساط القرن الماضي، واحدة من أهم المحطات المركزية في مجالات تنمية الموارد البشرية عبر سياسة الانفتاح التي اتبعتها الدولة المتقدمة في ذاك العصر، من اجل إيجاد خبرات متعددة تسهم في بناء قدرات مدربة تستثمر في حرية التعبير، وصولاً إلى ميادين المعرفة المبتغاة، ذلك الإنجاز الذي استهدفته دولة الكويت ونهجها، حتى غدت أنموذجاً عصرياً بفضل سياستها الناجحة، والحاضنة الأولى للحركة الفكرية العربية، والداعم الرئيس في تنمية المجتمعات العربية، وعلى الأصعدة والمستويات كافة، فاصبحت الكويت بشهادة الجميع محطة العروبة وعنوان المحبة والسلام.
إن الحركة الوطنية والقومية الرائدة التي أطلقها شيوخ آل الصباح، كان لها الأثر المحمود في ترسيخ مفاهيم دولة المواطنة والوطنية الكويتية، فلقد عمد شيوخ المجد، الأمراء على تقديم كل وسيلة ممكنة من أجل إعداد المواطن الكويتي، بل الوافد ايضا، ومن أجل صقل مواهبه بخبرات ومؤهلات تقدمه، وإسهامته تجاه حمل راية الإنجاز في كل المجالات، وعلى الأصعدة كافة، فكانت من أوائل الدول التي شرعت بالنهضة الصناعية والتجارية والعمرانية، وأخذت إسهاماتها تصل إلى عدد من الدول عبر حركة تبادل تجاري أكسب مجتمعها التنوع والدولة المكانة والرفعة والرقي.
وكانت دولة الكويت من أوائل الدول العربية التي تعرضت لهزات عميقة، أثبتت بالتجربة والبرهان عمق ثبات مجتمعها، ومكانتها في قلوب أبنائها، عندما التف الجميع حول علم الكويت وقيادتها الحكيمة، واستطاع الشعب الكويتي أن ينتصر على ذاته بذاته، محققا بذلك حالة إعجاز غدت أمثولة عالمية بالتضحية والفداء، فحمل الجميع لواء الكويت إلى أعالي المجد.
وبعد هذه التجارب الغنية والتضحيات الكبيرة والتحديات العميقة التي واجهها الشعب الكويتي وتمكن من تحويل كل منعطافتها منطلقات، تعود الكويت بفضل قائد ديبلوماسي مخضرم على السيطرة على دفة القيادة وتحقيق الإنجاز التنموي تلو الإنجاز الإنمائي، ويقدم سمو الأمير الحكيم الوصفة المثلى في كل المحطات العميقة التي تمر بها المنطقة، وصفة ديبلوماسية مناسبة وناجحة، وتشكل الكويت بفضل سياسة الأمير الوالد (والد الكويتيين والعرب)، سياسة الـ”master key” الذي يمكن أن يفتح أي قضية مهما كانت مستعصية.
كل هذا يأتي وفق الثوابت العربية والمنطلقات الإنسانية التي جاءت بها السياسة الكويتية في الحفاظ على الدور والمكانة العربية وفي الوقوف عند المبادئ والقيم الإنسانية حتى استطاع سمو الأمير بفضل سياسته ومكانته، أن يصبح القائد القريب من كل القضايا، والمقبول من كل القادة، حتى غدا محط إجماع عربي واهتمام إنساني ودولي، ولم تكتف الديبلوماسية الكويتية بذلك، بل ذهبت إلى دعم حركة المصالحة العربية، ومسار إفشاء السلام وتعزيز مبادئه وقيمه على الصعيد الدولي، حتى تم تكريم سمو الامير بواحدة من أهم الجوائز العالمية للسلام، محققا بذلك إضافات للكويت وللعرب من المجتمعات الدولية.
لقد سجلت العلاقات الأردنية-الكويتية سجلاً حافلاً في التعاون والعطاء، عبر مسيرة ميزها البناء والاستثمار، فالكويت هي أكثر دولة تمتلك استثمارات في الأردن، كما أنها استضافت إلى حد قريب، أكبر جالية أردنية تعمل فيها، ومن أجلها، وتقيم في الكويت وكأنها مقيمة في الأردن.
هذه الجالية التي حملت الكويت في قلبها، وتدافع عنها ودورها في كل المحطات، فالكويت الدولة التي تمتلك تأثيراً شعبياً هو الأكبر على الإطلاق في أوساط المغتربين، لذا يعتبر الأردنيون الكويت جزءاً من دائرة اهتماهم الوطني، ولعل هذه العلاقة الشعبية الأخوية، لن تبلغ هذا الحد لولا قيادة الملك عبدالله الثاني وأخيه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في تعزيزها، فلقد حرصا حفظمهما الله على إيجاد البيئة الأخوية التي سمحت بذلك، من خلال طريقة الحكم المتشابهة في الحضور البرلماني الرفيع، والتعددية السياسية التي ميزت مضمون الحكم الأردني والحكم الكويتي عن غيرهما من المجتمعات، هذا إضافة إلى مناخات الحرية.
كل هذا وأكثر يجعل من الكويتي في الأردن يعيش في بيئته، كما الأردني في الكويت بأن يعمل في بلده الثاني بتفانٍ وإخلاص وإتقان، لذا كانت الكويت على الدوام محط اهتمام الإنسان الأردني، بالإضافة إلى أنها محط احترام كل أردني على المستويات كافة، الشعبية والرسمية.
وستبقى الكويت في قلوب الأردنيين كما هي في أفئدتهم، يشاركونها التطلع والإنجاز والأمل، والرجاء في إيجاد منظومة عربية قادرة على تجسيد تطلعات الشعوب بالنهضة والتقدم، وفي تجسيد الحلم العربي بالوحدة ونصرة قضايانا وآمال شعوبنا.
إن الاتحاد العربي للتضامن الاجتماعي، وهو يقدم الجائزة التي حصل عليها من جامعة الدول العربية، إلى صاحب السمو الأمير، فإنما يجسد رؤية سمو الأمير في تجسيد رؤية السلام لأمير المحبة والسلام، والاتحاد يعاهد سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على تقديم كل جهود ممكنة في سبيل الوصول ببرنامج سمو الأمير ودولة الكويت في ما يتعلق بالقيم الإنسانية من خلال الاتحاد العربي للتضامن الاجتماعي الذي انطلق من الكويت من أجل العرب والإنسانية، ويستهدي بعد الله بهدي سمو الأمير في تقديم المنجز الاجتماعي ولما فيه الخير للإنسانية.
وسنبقى نقول ونردد :”هذه الكويت صل على النبي…هي ديرتنا”
نائب، وزير اردني سابق
مساعد رئيس الاتحاد العربي للتضامن