كيف يطلع الوافدون على أسرار الدولة؟ مختصر مفيد

0 89

أحمد الدواس

عملت في إحدى الوزارات، وتعرفون مـَن مِن الوزارات أقصد، ولم يكن فيها من الموظفين الوافدين العرب سوى اثنين في قسم الطباعة، وكثيرا ما كنت أعمل بعد الدوام بنحو نصف ساعة، أي الى الساعة الثانية والنصف عصرا.
في يوم مكثت أعمل في مكتبي بعد ان خرج الموظفون، فأحسست بوجود احد الوافدين يدخل ممر إدارة الأميركتين التي أعمل فيها، وهو يغني، ويحسب أن لا أحد فيها، فصار يأخذ هذه الصحيفة الكويتية من ذاك المكتب، ويخرج منه ليأخذ صحيفة أخرى من المكتب المجاور، ويبدو ان هذا دأبه بعد خروج الموظفين، حيث لم تكن مكاتب الموظفين والديبلوماسيين تُغلق، بل كانت أبوابها مفتوحة، وربما ظن أنه إذا أخذ خمس صحف فكأنما وفر على نفسه إنفاق 15 دينارا كل شهر.
شاهدته والصحف بيديه فسألته: لـَم أنت هنا؟ فارتبك وتلعثم، وقال انه كان يريد فحص محول الكهرباء! والحقيقة اني شاهدته يدخل المكاتب بحثا عن الصحف.
حدث هذا الأمر في عام 2000 تقريبا، ولما زرت الوزارة قبل سنتين للحصول على ورقة رسمية منها، فوجئت بكثرة عدد الوافدين العرب العاملين من رعايا جالية معينة، فهذا في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، قبل دخول مبنى الوزارة، وهذا يقدم لك الشاي، والثالث يحمل الأوراق الرسمية من مكتب الى آخر، والرابع ساعي بريد…ما هذا؟
ومن أمـَر بذلك؟
ان من سمح لهم بالعمل بهذه الكثرة قد أخطأ خطأ فادحاً، فأسرار الدولة يجب ألا يطلع عليها الوافد، أو ينقلها من مكتب الى آخر، ولنضرب مثالا حدث فيها قبل سنوات، فقد استغل آسيوي خروج الموظفين من الدوام وأرسل رسالة “فاكس” لسفارته، فمن كشفها ياترى؟
لقد كشفتها وزارة الاتصالات عند التدقيق في كشوفات مصروفات هواتف الوزارة، إذ ظهرت تكلفة
الـ” فاكس” الى السفارة الآسيوية، وبان موعد إرساله لم يكن خلال ساعات الدوام.
وحاليا الكل يستعمل الهاتف النقال، وبالإمكان تصوير أوراق ووثائق تخص هذه الوزارة، ولا أود ان أشرح أكثر من ذلك، لتنقل لسفارات بلدانهم، صحيح إن هناك وافدين لهم كفاءة ملموسة، وأخلاق حسنة ولا شك، لكن وثائق الدولة وأوراقها لا ينبغي ان يطلع عليها إلا الموظفون من أهلها.
كلنا يعرف انه يستحيل على الكويتي دخول أي وزارة خارجية لبلد عربي، وليس في كلامنا هذا أي إساءة لأحد، فلا نتخيل أبدا ان توافق بلدانهم على توفير فرص العمل للكويتيين، لن يجد الكويتي أبدا عملاً في الأردن أو مصر، أو في أي بلد عربي بحجة أن أهل البلد أولى منه بالوظيفة.
هيا…فطالما نحن نتحدث عن عزم الحكومة تطبيق سياسة ” التكويت”، عليها ان تجري تعديلات بحيث تستغني تلك الوزارة عن الوافدين العرب، فالأفضل أن يكون الموظف كويتيا في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، ومواطن آخر ينقل الأوراق الرسمية بين الإدارات، ومواطن ثالث كساعي بريد بين الوزارات، أما الضيافة فيتكفل بها آسيوي.

سفير كويتي سابق

aldawas.ahkwt@yahoo.com

You might also like