كيف يعيش المواطن الذي معاشه أقل من ألف دينار يابو ثامر؟

0 78

حسن علي كرم

تحدثت مواطنة عراقية مهاجرة الى اوروبا الى احدى القنوات الاعلامية عن مسيرة حياتها في الهجرة، وقالت بعد سنوات من الاقامة منحت الجنسية، فاصبحت مواطنة، فانضممتُ الى احد الاحزاب هناك، وترشحتُ في الانتخابات، وفزتُ عن احدى الدوائر الانتخابية.
وسئلت المواطنة العراقية، والتي تحولت الى مواطنة وسياسية في المهجر: ما هي الامتيازات التي حصلت عليها بعد عضويتها في البرلمان؟
فقالت: اسكن في شقة صغيرة بالايجار، وكل صباح انزل الى الشارع حيث استقل الباص العمومي لاوصل ابني الى المدرسة، واقوم بنفسي باعمال منزلي، اذ ليست لدي خادمة.
اما عن الامتيازات الاضافية بحكم مهمتها ممثلة عن الامة، فقالت: “لا شيء، ليست لدينا امتيازات اضافية بخلاف المكافأة”.
هذا ملخص حياة امرأة هاجرت هربا من جحيم سلطة ظالمة في وطنها، السؤال هنا: ماذا لو لا تزال تعيش في وطنها، هل ستنعم بالاستقرار والامان، ومثلت مواطنيها في مجلس امة او برلمان، وحصلت من الامتيازات المادية، والحصانة، ومعاش تقاعدي ولم تحلم به مدى عمرها؟ لا اريد أن اعرج على الوضع العراقي في العهد الديكتاتوري او في العهد الحالي عهد الحريات والقانون، فالعراقيون حصلوا على الحرية لكنهم لم يحصلوا على العيش الكريم، فالفوضى والاعتداء على القانون والسرقات المليارية من اموال الشعب، والبطالة وسوء الخدمات المتدنية تعم العراق!
اما هنا في كويتنا العزيزة، فالوضع أسوأ، بطالة، تردي خدمات انفلات وتعدي على القوانين وهبش بالمال العام، وملايين تذهب الى جيوب غير مستحقة، وممثلي الامة والحكومة يعملون بخلاف قسمهم. والانكى ان الوضع السياسي غير المستقر، اذ كل ثلاثة اشهر حكومة وكل ستة اشهر انتخابات جديدة، فيما الوزراء واعضاء المجلس يستحوذون على امتيازات لم يحلموا بها، سيارات فخمة، وهواتف مجانية ووقود مجاني وسائق معاشه من ميزانية من المال العام، والتعامل بالباطن مع الحكومة في المناقصات، والمعاش الاستثنائي ثم يدعون المثالية والنزاهة… يا للعار. هل رأيتم اكثر من هذا استهزاءً و ضحكاً على عقول الشعب، والمصيبة يطالبون باسلمة الدولة والغاء الدستور العلماني، رغم ان الدستور الكويتي ليس علمانيا، ولا اقول ان الكويت لا تستحق مجلس امة ولا هناك شعب لا يبحث عن الحرية والديمقراطية، ولكن هناك شعب غدا عبداً للمال و”النوط” الخضر!
لا رجاء ولا امل في مجلس امة هدف اعضائه المال والمنصب والتربع في صدر الديوانيات باعتباره بات من الوجهاء وعلية القوم
القوم، اما خدمة الوطن ورفاهية الشعب فذلك اخر اهدافهم.
اقول للسيدة العراقية التي فرت من جحيم وطنها: صحيح ان عضويتها البرلمانية لم تمنحها اي امتيازات على خلاف الشعب، لكن يكفي انك تقومين باعمالك وانت مرتاحة البال، في بلد للقوانين قدسية وللمواطن اعتبار.
انا هنا في كويتنا الغالية، فالبكاء لا يعوض الضحك، لكنه يجعل البكاءً دماً، فالسيد النائب شعيب المويزري، اطل علينا يقول لا فض فهوه عن المعاشات الاستثنائية التي قالوا عنها ما لم يقله مالك في الخمر “سنعدل المعاشات الاستثنائية ولن نلغيها”، ليش يا طويل العمر، وانت اول من صاح من ان المعاشات الاستثنائية، فكيف بين يوم وليلة انقلبت من معارض الى مؤيد استمرار المعاش الاستثنائي؟
يقول المويزري: “النائب يتسلم 2000 دينار كيف يعيش اذا حل المجلس”، واقول وكيف يعيش المواطن العادي باقل من الف دينار، النائب اذا حل المجلس او لم يحالفه الحظ بالفوز يستطيع ان يعود لوظيفته السابقة، او يفتح مشروعا تجاريا او صناعيا، لكن تقدر تقولي عزيزي بوثامر: كيف يعيش المواطن في ظل اسرة واولاد قصر ومعاشه التقاعدي اقل من الف دينار، فهل نحن ابن الجارية، والنائب ابن الست، ام ان هناك مواطنين تحكمهم حقوق وواجبات؟
اي عدالة تزعمها يا اخي، فالمعاش التقاعدي للنائب حرمنة وسلب من جيوب مستحقين،ومن اموال الدولة الى غير مستحقين.
العدالة يابو ثامر لون واحد وليست ألوان الطيف، فالمعاش الاستثنائي ينبغي الغاؤه، ومساواة المواطنين بالحقوق، فليس هناك ابن عبدة وابن حرة.
انت الان النائب تقبض مكافأة على عضويتك في المجلس، واذا انتهت عضويتك تستطيع الانضمام للتقاعد، مثلك مثل أي مواطن متقاعد تأخذ معاشا تقاعديا بما تستحقه وما يقرره لك النظام التقاعدي.
اعضاء المجلس والوزراء ومن في حكمهم لا ينبغي ان يشعروا انهم ارفع منزلة عن المواطن العادي، فكما هنا مجلس امة وحكومة في كل دول العالم، والنائب او الوزير اذا ترك وظيفته راح يبحث عن عمل خارج سياق المناصب، لذا اقول قليل من التواضع ومن الشعور بالمواطنة.

صحافي كويتي
hasanalikaram@gmail.com

You might also like