لبنان دولة فاشلة والثورة لن تنجح
الياس بجاني
منذ 89 يوماً والشعب اللبناني غاضب وثائر، وهو يتظاهر في عدد كبير من المدن والبلدات، مطالباً بدولة عادلة، وبحكومة من متخصصين وشرفاء، تتحسس أوجاعه وتعمل على خدمته، وبمجلس نيابي فاعل، يمثل فعلاً تطلعاته وآماله، وبحكام كفهم نظيف، يلتزمون الدستور، وبقضاء عادل يطبق القانون، وبخدمات حياتية ومعيشية وإنسانية، واستقرار وفرص عمل، كل هذه المطالب محقة، ومن حق الناس المطالبة بها، والسعي لتحقيقها، ولكن، لتحقيق ولو جزء قليل من كل هذا المطالب، ومنها تشكيل حكومة من مستقلين وخبراء وأكفاء وشرفاء، وليتفعل القضاء ويقوم بدوره، وللوصول للخدمات كافة، لا بد من قيام دولة ممسكة بقرارها تعمل من خلال الدستور، وتحت سقف كل ما هو استقلال وسيادة ودستور وقرار حر وقانون.
ولأن لبنان هو بلد محتل من “حزب الله” منذ العام 2005، ويصادر استقلاله وسيادته، ويتحكم برقاب وقرار كل الحكام فيه، ويعين ويقيل المسؤولين حسبما يناسب أجندته الإيرانية، فإن الثورة مهما طال بقاؤها في الشوارع، فهي عملياً لن تحقق أي مطلب من مطالبها إن لم تسمِ مرض الاحتلال باسمه، وتسعى لتحرير البلد من احتلاله، وهو الذي يدمر ويعرقل ويعطل كل شيء، ويحول دون نجاح أي مسعى ثوري وإصلاحي.
من هنا، فإن كل ما تطالب به الثورة لا يمكن أن يتحقق منه أي شيء ما دام “حزب الله” يحتل البلد، ويتاجر بكذبتي المقاومة والتحرير، ويرهب الناس ويسوّق لثقافة الموت، وليس لثقافة الحياة، وأولويته هي مشروع إيران التوسعي والإرهابي والحربي والعدائي.
“حزب الله” ومنذ اليوم الأول للثورة، وهو يعاديها علناً ويخوّنها، ويتهمها بالعمالة، وبالارتهان للقوى المعادية له “أميركا والسعودية وإسرائيل”، ومن خلال شبيحته اعتدى جسدياً ومعنوياً ولا يزال يعتدي على الثوار، ويستعمل ضدهم كل وسائل التخويف والإرهاب والبلطجة، وبالتالي، على الثورة، إن كانت فعلاً تسعى لتحقيق مطالبها، أن تسمي الاحتلال باسمه، وأن لا تكتفي فقط بالشكوى من أعراضه، والأهم أن تتوقف عن تحييده وعن ذمية التملق له.
مطلوب منها أن تفضح هرطقات تجارته بكذبتي المقاومة والتحرير، ولكي تنجح الثورة، عليها فوراً أن تدرج مطلب تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان على رأس قائمة مطالبها، وهي اتفاقية الهدنة والقراران 1559 و1701.
يبقى، أن نقول، وعملاً بكل قوانين الأمم المتحدة، لبنان في وضعيته الراهنة هو دولة فاشلة ومارقة، وبالتالي من واجب مجلس الأمن، بل من التزاماته القانونية إدراجه في هذه الخانة، ووضع اليد عليه تحت البند السابع، وتسليم القوات الدولية الموجودة في الجنوب المهام الأمنية كافة، ووضع القوى الأمنية اللبنانية تحت إمرتها، وذلك لإعادة تأهيل اللبنانيين على كيفية حكم أنفسهم، هذا الأمر تم العمل به في الكثير من الدول التي كان وضعها شبيها بوضع لبنان الحالي.
على الثورة أن تفكر ملياً بهذا الخيار الدولي، وأن تسعى لتحقيقه في الوقت المناسب عملاً بالقوانين والإجراءات المرعية في الشأن، وقد وقد يكون عملياً، هذا الحل، هو المخرج الوحيد المتوفر راهناً لمواجهة ما يجري في وطن الأرز، من إفقار للناس، وتهجير، وفوضى، وإرهاب، وعهر حكام، و”سلبطة” احتلال، وفساد حكم، وكفر وجحود وإبليسية أصحاب شركات أحزاب.
الخلاصة، لا خلاص للبنان وللبنانيين، ولا تقدم على أي مستوى، ولا خروج من أي أزمة مالية وحياتية ومعيشية وخدماتية وصحية وغيرها في أي مجال كان ما دام احتلال “حزب الله” قائماً، وما دام الحزب ممسكاً بالبلد، وبحكامه، وبمؤسساته، ويأخذه رهينة بالقوة و”السلبطة”، ويتصرف به على أساس أنه ملك له ومعسكر، وساحة ومخزن أسلحة، وأداة كلها مسخرة في خدمة مشروع حكام إيران التوسعي والعدائي والمذهبي.
ناشط لبناني اغترابي
phoenicia@hotmail.com