لكل زمان دولةٌ ورجالٌ!

0 556

حسن علي كرم

منذ عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح (1950- 1965) وسلفه الشيخ احمد الجابر الصباح (1921- 1950) كانت تلك الفترة من أزهى الفترات التي مرَّت على الكويت، رغم حدوث بعض الهنات والحوادث، داخلياً او اقليميا، لكن لم تكن اثارها بارزة على البلاد.
في حقبتي الشيخين احمد الجابر وعبدالله السالم كان من أولى ملامح النهضة التعليمية وأرسال الطلبة للالتحاق بالجامعات وجلب معلمين من الخارج، فالتعليم العام والجامعي في الكويت بدأ مبكراً، وهذا ما أفضى الى تزايد الوعي الثقافي وأهمية التعليم اللذين لم يكونا مجرد ترف، انما ضرورة حياتية ونهضوية، لذلك وجدنا في أواخر أربعينات القرن الماضي تخريج طلائع من الطلبة الكويتيين الجامعيين، ومن معاهد اجنبية (انكليزية-فرنسية) في الاسكندرية بمصر، ولبنان وبريطانيا.
من هنا نستطيع القول، وتملؤنا الثقة: إن الكويت لم تكن غائبة عن السباق الحضاري في زمن كان التعليم الحديت في المنطقة الخليجية من المنكرات والإلحاد، (راجع كتاب “تاريخ الكويت” للمؤرخ الشيخ عبدالعزيز الرشيد وكتب اخرى) الحرب على التعليم النظامي وتلقي المعارف الحديثة من العلوم والرياضيات واللغات.
ما يهمني في هذا كله ان الكويت كان بامكانها ان تحتل منزلة اعلى مما كانت عليه بين الامم القريبة او البعيدة، فالأمم الطامحة لا تنهض بالجهل والسحر والشعوذة، انما بالعلم ترقى.
من بضع عشرات من الطلبة في المدرسة المباركية عام 1911- 1912 الى ما يتجاوز حاليا سبعمئة الف طالب وتلميذ، بدءا من رياض الاطفال الى الجامعات، ونحو مئة الف من البنين والبنات الذين يتلقون علومهم الجامعية والعليا في الجامعات العالمية.
كل ذلك يجعلنا ان نتساءل: هل نجحنا في بناء دولة ناجحة نهضوية تسير كتفاً بكتف مع البلدان الناجحة، سواء في الصناعة او الطب او التعليم او العلوم وغير ذلك من مجالات الانعاش والتقدم؟
انا على يقين ان الكويتيين، والشباب خصوصاً، لا تنقصهم الهمة، او الفطنة او الذكاء كي ينقلوا وطنهم من الصفوف الخلفية إلى الصفوف الأمامية، رغم سوء التعليم وتخلف المناهج، ومعلمين أنصاف جهلة يجلبونهم من بلدان فاشلة والتعليم عندها متخلف.
لا شكَّ أن هناك فجوة، والسؤال المحير يبقى معلقاً الى حين تخرج الحكومة من القمقم وتعترف ان أسباب امراض الكويت المزمنة تكمن في الإدارة الفاشلة، وسياسات عقيمة قديمة ومسؤولين يعيشون في زمن ليس زمنهم، إلا أنهم يُصرّون على التشبث بمقاعدهم وكأنها مناصب ابدية وُجدت لهم لا لغيرهم.
تدفق الشباب من الجامعات المحلية، أو العالمية، يفرض على الدولة أن تعيد النظر بسياساتها المنتهية الصلاحية، إذ لدينا 70 في المئة من الكويتيين من الشباب دون الخمسين، وثلاثة ارباع هؤلاء من الجنسين من اصحاب التعليم العالي، والكثير من هؤلاء أيضاً ينتظرون الفرص التي لا يبدو متاحة لهم في ظل الجمود والادارة الحكومية العقيمة، ومستشارين جلبوا من دول فاشلة، فهؤلاء يخططون لمصالحهم بدلاً من ان يخططوا للكويت، حاضرها ومستقبلها، فهل من امل قريب لتطهير البلد من هؤلاء؟ وهل تخرج الكويت من القمقم وتساير التطور الحضاري الذي يعيشه العالم المتقدم؟
سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد من المحسوبين على جيل الشباب، الا ان سياسات حكوماته الثلاث لم تكن الا نسخة مكررة من حكومات سابقة، وهذا ما يجعلنا نتساءل: ماذا يمنعنا من الخروج من القمقم الى الفضاء العالمي؟ ماذا يمنع ان نكون جزءا من العالم المتقدم، فكل شروط النجاح لدينا، شباب متعلم وثروة هائلة، والكويتي بطبعه فطن؟!
كل ما نحتاج إليه هو تغيير اتجاه البوصلة، والقفز الى قطار الناجحين في التوقيت المناسب، ولذا الامل لايزال موجوداً، والكويت تستحق ان تقف في المكان الذي يليق بها.

صحافي كويتي
hasanalikaram@gmail.com

You might also like