ليذهب العقل إلى الجحيم
د.معراج أحمد معراج الندوي
هناك حديث في القلب ليس من الممكن أن يكتب على الورق، فقد عجزت أمامه الأحرف والمعاني، ولا يحدث به لسان، والحروف لا تترجم المشاعر والأحاسيس، والمشاعر والعواطف تكمن في القلب والروح. إن القلب هو مركز المشاعر وبعض السلوكيات، وعلى رأسها الحب، والشعوب والحضارات تحيا بالحب، وكم من ممالك انهارت وغابت عنها الشمس بسبب غياب هذا الحب، وتملك مشاعر البغض والكراهية والحقد، والنفوس التي إن حقدت ماتت فيها الروح، وبالتالي غابت عن الحياة. القلب هو الذي يحرك المشاعر والعواطف، ذات يوم قال العقل للقلب: “كيف لك أن تحب شخصا بعيدا، لا تستطيع أن تراه وسط الطريق، أو تسمع دقات قلبه، حتى لا تستطيع أن تسمع صدى صوته وهو يناديك”؟
أجابه القلب: “وقعت في الحب من دون ميعاد، وشعرت بقلبه وهو في آخر البلاد… اتركني مع حبي وابعد الأوهام… سيكون الفراق هو الختام… وإلا… ستغرق في بحر الدموع والآلام”.
العقل والقلب كشاطئ النهر، فهما يحفظان ماء هذا النهر، ويضمنان استمرار تدفقه، ولكن إذا أسيء استخدام أحد الشاطئين، فإن الماء سيهدر ويضيع، ويتسرب، ولن نستفيد منه، هذا بالضبط التوافق بين القلب والعقل.
الحب هو المحرك الدافئ الذي يشعر الإنسان أنه قادر على أن يقدم للآخرين مشاعر الحب، لأن الحب يغير نظرة الإنسان في كل شيء من الحياة، والإنسان، والمجتمع والكون.
وما أحلى مشاعر الحب في الوجود، مشاعر الحب “البطولة” تجمع ولا تفرق، مشاعر تجعلنا نعيش اليوم، وننظر الى الغد بعيون متفائلة، وقلوب عامرة مفعمة بالحب، والمودة، والحنان. العاطفة والفكر، الروح والجسد، بما يضمن سير الإنسان في الطريق الصحيح، لكن الأهم هو أن نحب ونمنح قلوبنا الفرصة لتحب وتملأ حياتنا حبا وسعادة وفرحة وبهجة، فالحب الحقيقي هو الذي يعوضنا عن مشكلات الحياة، ويجعلنا نتواءم معها، وأن نعيش لنحب وأن نحب لنعيش.
إن عاطفة الحب هي التي تعطي الإنسان معنى إنسانيته، لأن الإنسان من دون حب هو صخرة صمّاء، ولا يمكن أن نرى في هذه العاطفة من حيث المبدأ شيئاً سلبياً، وهذا هو الحب الذي يبعث في نفسي الأمل والسرور، ويشعرني كم كان الحب جميلا في الماضي، كم كان الحب مغامرا في أيام لذتي وشبابي.
أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها
في جامعة “عالية كولكاتا”الهندية
merajjnu@gmail.com