متلازمة “الفساد” فضفضة قلم
د. أحمد الحسيني
مع انتشار فيروس كوفيد 19 بدأنا نسمع عن بعض المصطلحات الطبية التي يُردِّدها البعض قد تكون غربية، نوعاً ما، كمتلازمة الكوخ ومتلازمة القلق، فأصبح كثيراً من الناس يردد تلك العبارة من دون أن يعرف معناها، فالمتلازمة هي مصطلح طبي يعبر عن “مجموعة من الأعراض والعلامات التي تصف بجموعها مرضا معينا أو اضطرابا نفسيا أو أي حالة غير طبيعية تظهر على الإنسان”، وهذا المصطلح يصنف إلى فئتين الأولى هي المرض الجيني الوراثي والفئة الثانية هي المكتسبة التي يكتسبها الإنسان نتيجة لظروف معينة، وما نتحدث عنه ليس بيت القصيد الذي ننشده إنما هو مقدمة عن متلازمتنا المجتمعية التي بدأت تنخر في عظم الدولة وهي متلازمة “الفساد”.
مفهوم متلازمة الفساد أصبح مفهوما واضحا لدى الجميع لا يحتاج إلى تفسير أو توضيح، حيث إن أعراضها باتت تحاكي مؤسسة الدولة وعلامات ظهورها أصبحت عناوين رئيسية للصحف اليومية وتصنيف حالتها باتت محتوى لوسائل التواصل الاجتماعي وآثارها السلبية باتت تنخر في عظم الدولة وهي الآن ليست بحاجة لعلماء ومختصين لإثبات مضاعفاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
فهذه المتلازمة أصبحت صناعة مجتمعية بحته بدأت كمتلازمة مكتسبة من الخارج وعلى نطاق ضيق حتى أصبحت بفضل تفشيها وانتشارها والبر بها متلازمة جينية قائمة على المثل المحلي الشهير من “صادها عشى عيالة”.
وعلى الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية إلا أن متلازمة الفساد تزداد يوما بعد يوم وأن بحر هذا النوع من المتلازمات أصبح يتسع وان الجليد في الطرف الآخر أصبح يذوب ويندرج ماؤه في حوض هذا البحر دون حل او علاج لذلك نتساءل، أين يقع الخلل في هذا الموضوع؟ وأين نجد العلاج لحماية الدولة من هذه المتلازمة التي تطورت إلى أن أصبحت آفة؟
للأسف عندما نتحدث عن الفساد، دائما نشير بإصبع الاتهام للفساد المالي، وهو الذي يأخذ حيزا كبيرا من السجال وكذلك الرقابة والنقد وغيره، والحقيقة عكس ذلك، فالفساد المالي ماهو إلا ناتج عن فساد إداري في الأساس، فاذا أردنا ان نتعقب أنواع الفساد ونضع لها حلولا يتوجب علينا أولا أن نبدأ بنواة الفساد “الإداري”، فهذا النوع من الفساد هو الأرض الخصبة لجميع أنواع الفساد، وهو المرحلة الأولى التي يُبنى عليها المقومات الأساسية لهذه الآفة.
نقطة آخر السطر:
في حال أردنا القضاء على متلازمة الفساد بكل أشكاله يجب علينا السير في مسارين متوازيين، الأول خاص بالجهات الرسمية من خلال اختيار القوي الأمين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن المحسوبيات والوساطات والتعيينات غير المستحقة، أما الشق الثاني خاص بالشعب من خلال اختيار ممثلين للأمة بعيدا عن القبلية والعنصرية وترجيح كفة المصلحة العامة على تمرير معاملة علاج بالخارج او نقل من وزارة لوزارة وغيرها من المعاملات الخاصة الناتجة عن الفساد الإداري، وبذلك نضمن أننا بدأنا بمحاربة الفساد، وكذلك لا نحتاج إلى جهات رقابية تعمل على متابعة أداء المؤسسات، حيث ان الرقابة ستكون ذاتيه عنوانها الله ثم الوطن، أما إذا استمر الوضع كما هو عليه فإننا نحتاج إلى أجهزة رقابية لمتابعة أداء الأجهزة الرقابية وبذلك لن تنتهي العملية.
كاتب كويتي
@alhssinidr