معركة تحرير الحديدة … عملية إنسانية
رماح الجبري
تعمد المليشيا الحوثية وبمختلف الوسائل لإحداث أزمة إنسانية والعمل على تفاقم الأوضاع في مدينة الحديدة، من خلال عدد من الأعمال الإجرامية ،أبرزها قطع المياه وتدمير شبكات الصرف الصحي في المدينة بسبب حفر الخنادق والأنفاق في شوارع المدينة الرئيسة والفرعية ،وكذا اعتلاء العمارات السكنية والتمركز فيها بالأسلحة الثقيلة والخفيفة ومنع ساكنيها من مغادرتها لاستخدامهم دروعا بشرية ،بالإضافة الى التمركز بالدبابات وسط الأحياء المكتظة بالسكان ،كما أغلقت المليشيا عددا من الأفران والمخابز وسط المدينة ما جعل حياة المواطنين تزيد سوءا.
كما أن المليشيا جعلت الألوية في مستشفيات الحديدة لاستقبال جرحى مقاتليها ،ومع استمرار العملية العسكرية يكون اعداد الجرحى في تزايد وهو ما يعني اغلاق المستشفيات في وجه المرضى من أبناء الحديدة ، فتزيد فرص انتشار الأمراض وتفشي الأوبئة في المحافظة التي تعتبر الأشد فقرا في اليمن.
حتى اليوم لا توجد مؤشرات مجاعة أو أزمة انسانية في مدينة الحديدة ،كون الميناء لايزال يعمل ، واستقبل الميناء خلال الأيام الماضية أكثر من عشر سفن تحمل مواد اغاثية وغذائية تم توزيعها عبر المنظمات الدولية ،الا أن السكان يعيشون اوضاعا نفسية صعبة تخوفا من مستقبل مجهول.
تعمل المليشيا الحوثية في مدينة الحديدة بكل الإمكانات لما يعزز موقفها القتالي والعسكري من دون الاكتراث لوضع المدنيين الذين اصبحوا مجبرين على النزوح والخروج من المدينة ،ليس خوفا من الحرب المقبلة فقط ،وانما لانعدام الخدمات ومقومات العيش فيها.
بالإضافة الى ما سبق ،فرضت المليشيا حظر تجوال على المواطنين في المدينة ،ونفذت حملات اختطافات بحق مواطنين رفضوا المشاركة معها في القتال ،وقطعت خدمة الأنترنت واعتقلت صحافيين وناشطين بينهم صحافي رياضي لا يمارس أي نشاط سياسي وانما رفض مشاركة المليشيا في حربها ضد القوات الحكومية.
توقن المليشيا الحوثية بهزيمتها أمام القوات المشتركة في معركة الحديدة، فهي لا تراهن على الحاضنة الشعبية التي تميل وبشكل واضح للتخلص من المليشيا وجرائمها ،ولا تراهن أيضاً على عتادها الذي دمره الطيران ووزعته في مختلف الجبهات ، ولا على مسلحيها الذين أجبروا على القتال ،فهي من خلال هذه الانتهاكات والجرائم تمارس رقصة الديك المذبوح وهي الرقصة الأخيرة لكنها قد تؤذي من حولها.
ورغم مؤشرات الهزيمة التي ستلحق بالمليشيا في معركة الحديدة الا أن قيادتها لا تتحلى بقدر من المسؤولية تجاه المواطن اليمني في تسليم المدينة والانسحاب منها حقنا للدماء وانقاذاً لمقاتليها والمؤسسات الحيوية من التدمير جراء الحرب، بل تعمل على تفخيخ المؤسسات الحكومية والشوارع الرئيسة بالألغام والعبوات الناسفة ،كما فعلت في المطار قبل فرارها منه قبل قصفت المباني لتدميرها.
عرف اليمنيون جماعة الحوثي مليشيا لا عهد لها ولا ذمة ،نقضت كل الاتفاقات والمعاهدات ،بل جعلت من المعاهدات ولجان الوساطة جسورا لها للتوسع والتوغل في المحافظات حتى وصلت الى العاصمة صنعاء، وانقلبت على السلطة الشرعية ،ولذلك لن يثق اليمنيون في أي اتفاقات او تنازلات تقدمها المليشيا ما لم يتم اجبارها على ذلك بقوة السلاح.
وسائل الاعلام العربية والدولية ذكرت ان قيادة هذه المليشيا الحوثية أبلغت المبعوث الأممي موافقتها على اشراف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة ،وهي لعبة سياسية تلعبها المليشيا لزيادة الضغط الدولي على الدول الداعمة للشرعية لإيقاف العملية العسكرية لتحرير المدينة.
تأكيد المؤكد هو أن ميناء الحديدة أحد الأهداف الرئيسة لعملية النصر الذهبي وليس كل الأهداف ،كما ان عملية تحرير الحديدة عملية انسانية وفقا لإعلان الحكومة الشرعية باعتبارها عملية انسانية لإنقاذ 3 ملايين شخص يعيشون في مختلف مديريات المحافظة ،ويتعرضون بشكل مستمر لجرائم وانتهاكات المليشيا بل أن المئات من أبناء هذه المحافظة توفوا بسبب الجوع وتفشي الأمراض والأوبئة ولم تقدم لهم المليشيا أي مساعدة بل نهبت المساعدات الاغاثية التي كانت تقدم من قبل التحالف عبر المنظمات الدولية.
كاتب يمني