ملاحظات عن المنحى الجديد للنظام الإيراني
مثنى الجادرجي
المنحى الجديد الذي شرع به النظام الايراني من أجل ترميم علاقاته، وتقويتها، وترسيخها مع بلدان المنطقة، هو منحى من الضروري جدا الانتباه اليه، وتسليط الاضواء عليه من قبل هذه البلدان، ووضعه تحت النظر والبحث فيه بروية، علما أن هذا النظام يلتزم هذا النهج بعد أن تقطعت به السبل وصار الى حد ما أمام طريق مسدود.
المنحى الجديد للنظام الايراني، له أكثر من سبب وتعليل، غير انه من الممكن حصر أهمها فيما يلي:
ـ تصاعد الرفض الشعبي ضد النظام، ولا سيما بعد الانتفاضتين الاخيرتين، وما تلته من تأسيس معاقل الانتفاضة وتزايد الاحتجاجات الشعبية ضد النظام، وكل ذلك يتزامن مع تزايد عزلة النظام الدولية أكثر من أي وقت مضى.
ـ تصاعد الوعي السياسي في المنطقة، وافتضاح السياسات المشبوهة لهذا النظام، التي تقوم اساسا على نهج ومبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الاخرى، وهو ما ولد حالة من النفور من جانب شعوب ودول المنطقة تجاه هذا النظام، وجعله مشكوكا في أمره ولا سيما بعد الاحداث والتطورات التي جرت وتجري في العراق ولبنان واليمن وسورية.
ـ تصاعد وبروز دور المقاومة الايرانية، إقليميا ودوليا، ونجاحها في كسب وجمع تعاطف وتأييد لنضال الشعب الايراني من أجل الحرية بهذا الشأن، مساو ومواز للتراجع والانتكاس اللافت للنظر للنظام الايراني، والذي يثير قلق وتوجس النظام الايراني أكثر من أي شيء آخر، هو أن مجزرة صيف عام 1988 التي ارتكبها النظام ضد 30 ألف سجين سياسي باتت بعد الموقف الرسمي الاميركي منها تأخذ طريقها لقوننتها دوليا.
وأمام هذه الاسباب التي تثير قلق وخوف النظام الايراني، فإنه يجب انتظار وتوقع أن يبادر الى سلوك منحى جديد يحاول من خلاله ركوب الموجة، أو التناغم والانسجام معها بغية بقائه واستمراره، ومن الواضح إنه مستعد لكل شيء من أجل ضمان بقائه واستمراره، وهو يقدم كل أنواع التنازلات بشرط بقائه، وهذا ليس غريبا عليه بعد الاتفاقيات الهزيلة، والمشبوهة، والمخزية التي عقدها مع روسيا والصين من أجل عدم سقوطه.
المطلوب ليس مجرد اتخاذ موقف سلبي غير مكترث بهذا المنحى الجديد فقط من جانب دول المنطقة، انما عليها أيضا اتخاذ موقف يتفق مع مصالح وطموحات شعوب وبلدان المنطقة، وان المنحى الجديد للنظام الايراني يعتمد من ضمن على إتجاه خاص يعمل من أجل دق اسفين بين هذه الشعوب والدول من جهة، وبين المقاومة الايرانية من جهة ثانية، من أجل وقف تقدمها، وتألقها، وتحقيقها لانتصارات سياسية مشهودة لها، ذلك أن تقوية العلاقة بين شعوب وبلدان المنطقة وبين المقاومة الايرانية انما يصب في مصلحة شعوب وبلدان المنطقة والسلام والامن والاستقرار فيها.
كما انه يخدم آمال وتطلعات وطموحات الشعب الايراني ويمنحها الامل والتفاؤل في المستقبل، والذي لابد من التأكيد عليها هنا هو ضرورة أن لاتنسى بلدان المنطقة دورها المنتظر من أجل دعم المبادرة الكندية بشأن إدراج مجزرة عام 1988 في لائحة قرار يدين النظام الايراني، وينصف المظلومين والمتضررين، فصدور هكذا قرار يخدم المصالح العليا ليس للشعب الايراني فقط، وإنما لشعوب المنطقة والعالم أيضا.
كاتب عراقي