من أَمِن العقوبة أساء الأدب

0 159

الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح

انتشار المخدرات وجرائم القتل في المجتمع الكويتي في السنوات الأخيرة ظاهرة يجب أن يفزع لها الشعب، وينتفض من سُباته، فهي ظاهرة غريبة عن مجتمعنا المعروف بأنه محافظ ومترابط اجتماعيًا، ومجتمع كان يُضرب به المثل في الانضباط والوعي وقدوة لدول الجوار. كنت قد نبهت قبل بضع سنوات عن خطورة الغفلة عن الأطفال والشباب، وتركهم فريسة لمواقع التواصل الاجتماعي، والمخدرات، وانشغال الآباء عن أبنائهم بأمور حياتية لا ترقى الى أهمية الرقابة الأسرية على الأبناء، التي يجب أن تكون في مقدمة الأولويات لكل أسرة، وذلك حفاظًا عليهم، وعلى الأمن المجتمعي الذي يعتبر الركيزة الأساسية لاستقرار الوطن وأمنه. ومما لا شك فيه أن انتشار ظاهرة العنف الأسري، وجرائم القتل العمد، نتيجة انتشار تعاطي المخدرات، وإدمان مواقع التواصل الاجتماعي المليئة بمشاهد العنف، والتراشق بالألفاظ لأسباب مذهبية، وسياسية، ورياضية، مما يربي في النشء والشباب ظواهر سلبية، كالتعصب، والغضب، وتقلب المزاج، واضطراب النفس واختلالها، وذلك كله لغياب المنهج التربوي، والقدوة الحسنة في الأسرة والمدرسة، وشبه غياب للأنشطة الرياضية التي يستطيع الشباب من خلالها تفريغ طاقاتهم. لقد تعرضت شخصيًا لحادث في عام 2017 بسبب تهور شاب متعاط للمخدرات بعد أن اقتحم بسيارته حديقة منزلي، وأصاب ابنتي التي نُقِلت إلى المستشفى، وتعافت بفضل الله، وعندما وصلت الشرطة تبين أن هذا الشاب متعاط للمخدرات، بل عثر رجال الشرطة على المخدرات داخل سيارته. هذه حالة من حالات التلبس، ومن الصعب الإفلات منها قانونيًا، وتم تسجيل قضية، ولا أخفيكم سرًا عن كمية التهديد والوعيد التي تلقيتها! وبعد الاستعلام عما آلت إليه إجراءات التقاضي اكتشفت، ويا للأسف، حصوله على براءة من التهمة!
الحقيقة لا أعلم ما نوع الثغرة القانونية، أو الوساطة والمحسوبية، التي تجعل هذا المجرم يفلت من سيف العدالة، علمًا اننا شاهدنا حالات كثيرة يتم فيها التعدي على رجال الشرطة، وهذا يقينًا أمر كارثي وخطير، وينذر بعواقب وخيمة حتى أصبحت تجارة المخدرات والتعاطي تتم علنًا في الساحات، وأمام المنازل من دون أدنى احترام لحُرمة العوائل والقانون! الحقيقة يا سادة أن مناشدة أولياء الأمور، ووزارة التربية، ووسائل الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني للعمل على توعية الأطفال والنشء والشباب ليس كافيًا، لكن كما يقولون “من أمن العقوبة أساء الأدب”، وأن تغليظ العقوبة على أن تشمل أولياء الأمور أنفسهم هو الحل الرادع للجميع. كما أن وزارة الداخلية يجب عليها سرعة تنفيذ الأحكام تحقيقًا للعدالة الناجزة، ولردع من تسول له نفسه الاستهتار بأرواح الناس، وأمنهم وسلامتهم،وإذا أردنا الإصلاح حقًا فيجب ملاحقة الفاسدين المجرمين الخارجين عن القانون، على حدٍ سواء من دون النظر الى عوائلهم، أو مناصبهم، أو من وراءهم، ومن يدعمهم ويساندهم، فمن يدعم ويساند الفساد هو فاسد ومجرم أيضًا!
المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع المدني والحكومة الكويتية، ممثلة في وزاراتها المعنية بالأمر، ويجب إيجاد حلول سريعة وناجزة لوقف نزيف الدماء البريئة، وضياع مستقبل أبنائنا من الأطفال والشباب، لكي تنقشع غيوم الغفلة عن سماء وطننا الحبيب، لتشرق شمسه من جديد، وإن نفد المجرم بجريمته والمتجبر بجبروته من عدالة الأرض فيقينًا لن يفلت من عدالة السماء.
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.

$ كاتبة كويتية

You might also like