من وحي الشهر الفضيل
فيصل الحمود المالك الصباح
تربينا في بيوتنا ومدارسنا على بيت من الشعر قاله امير الشعراء احمد شوقي، رحمه الله “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”، واستكمله بـ”صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخلاق تستقم”.
وكان للبيتين دلالاتهما وايحاءاتهما المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف والعادات التي عرفت بها المجتمعات، الاسلامية والعربية، بما فيها المجتمع الكويتي، فقد خاطب العلي القدير اخر المرسلين سيدنا محمد( صلى الله عليه وسلم) بـ:” انك لعلى خلق عظيم” ليدلل على البعد الاخلاقي في سلوك رسله وعباده. وحض رسول الله في احاديثه الشريفة على الاخلاق الحميدة، وقد ورد في احدها “انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، ليظهر الخلق باعتباره جزءا جوهريا من الرسالة السماوية مرضاة لخالقهم وعملا بسنة رسولهم، حرص الكويتيون منذ القدم على تربية ابنائهم على خلق دينهم الحنيف، ووفق عادات وتقاليد مستوحاة من التعاليم السماوية السمحة التي جاءت لتهذيب النفوس. وزرعوا في نفوس ابنائهم القيم الاسلامية لتتراكم العادات والتقاليد المستوحاة من الفرض والسنة، وتشكل مسارات الحياة اليومية في المجتمع الكويتي الذي كان على الدوام مثالا للتسامح وفعل الخير.
كان التمسك بالقيم الدينية اساسا للعادات والتقاليد، وعاملا للنمو والتطور والاستقرار والتماسك الاجتماعي الذي عرف به الكويتيون على مدى الازمنة، لا سيما انه كان يحكم تفكير وسلوك الفرد، ولم يكن ترسيخ الخلق عملية احادية الجانب بقدر ما هي عملية تبادلية، ففي الوقت الذي تتم التنشئة على اسس محددة يتحمل الفرد مسؤولية تجاه سلوكه الذي يعبر عن انسجامه مع دينه وتقاليد مجتمعه، سواء بايعاز من الضمير او خشية من الخروج عن منظومة القيم التي تربى عليها وغرست في نفسه. وقد لعب وازع الاخلاق الدور الاكبر في العلاقات بين افراد المجتمع الواحد، وكما يحدث في كل المجتمعات، اذ تعرض الخارج عن سلوكيات المجتمع للنبذ الاجتماعي، وبناء على ذلك حرص الكويتي على ممارسة ما يحافظ على صورته ويقربه من خالقه ويبقيه منسجما مع منظومته القيمية، فهو الساعي لمحاسبة النفس واصلاحها عندما تشذ عن القاعدة، وليكون النموذج. وجب علينا ونحن في شهر رمضان الفضيل التقرب إلى الله بالعبادة وترسيخ قيم وممارسات المودة بين الجميع، واستغلال أوقات الفراغ في ممارسة الرياضة وضبط النفس، وبما ان العملية تبادلية، وفي ظل توفر اساس التنشئة، يبقى على الفرد واجب البدء بالنفس ليكون باعثا للطاقة الايجابية، ثم البيت والأسرة، لتكون هذه الوحدات عاملا لنشر معاني الأخلاق الفاضلة.
ولوسائل الإعلام والدراما التي تمتلك قدرة التأثير دورها ايضا، في التركيز على القضايا الأخلاقية ليكون الشهر الفضيل فرصة لمحاسبة الذات وتطهيرها مما علق بها من الشوائب، واستثمار مواطن القوة فينا.