من يجرؤ على التفكير

0 529

صقر عيد الخضير

لقد شغلت ما اصطلح على تسميتها قضية الاختلاط في المجتمع الكويتي جزءا لا بأس به من أطروحات الساسة، أكثر من علماء الاجتماع، على مدى فترة طويلة نسبيا من حياتنا المجتمعية في الكويت، وهي قضية حساسة نظرا لما يكتنفها من أبعاد تتعلق بتصور المتعاطين مع القضية من جوانب عدة، منها الديني السياسي، وأفل منها الاجتماعي.
وربما ليس هناك ضير من محاولة التفكير في معطيات هذه التجربة، خصوصا بعد مضي فترة غير قصيرة نسبيا من معايشتنا لها عمليا في دولتنا الحبيبة الكويت.
لقد بدأت معركة الاختلاط في التعليم الجامعي تتبلور بين السياسيين والمتأثرين بهم، أو المؤثرين عليهم، في مرحلة مبكرة من سبعينات القرن المنصرم، وتناولت التجربة في مؤلف “معركة الاختلاط في الجامعة”(دراسة في الفكر الاجتماعي الكويتي للدكتور محمد جواد رضا أستاذ التربية المقارنة في جامعة الكويت سابقا).
عن تجربة شخصية من خلال التتلمذ على يد أساتذة من الجنسين في جامعة الكويت المختلطة ومعايشة الطلاب والطالبات في مرحلة سابقة، لم أصل الى ما قد يعكر صفو ايماني بطبيعية هذه الحالة، وليس هذا بيت القصيد لأننا نمارس الاختلاط الصحي، والمباح، في كثير من نواحي الحياة العامة، وأيضا ليس هذا ما أريد مناقشته هنا، لكن في محاولة لفهم بعض الخصوصية التي لاحظتها في مجتمعنا في عملية الاختلاط، والعزل، أود أن أطرح ملاحظة جلية، تمارس، خصوصا أن مناقشة الاختلاط الجامعي في اعتقادي ليست مناسبة لهذه المرحلة، لأنه ممارس حاليا في معظم مؤسسات الدولة والمجتمع، لكن ما أود تناوله خاص بالحالة الكويتية الاجتماعية، وهو مسألة عزل الجنسين عن بعضهم بعضا دراسيا في مرحلة مبكرة من الحياة العامة، وأقصد هنا الأغلبية، وليس البعض، ودمجهم في مراحل لاحقة مثلا في التعليم الجامعي، ومعظم مؤسسات الدولة، خصوصا أنها عمريا فترة امتداد لحياة المراهقة، ونتدر أحيانا كمجتمع بوجود بعض الممارسات الاجتماعية السلبية، أو حتى وجود بعض الاعاقة الاجتماعية في التعامل بين الجنسين، ولا أزعم أن الاختلاط الذي نتطرق له سيقضي على الآثار السلبية، لأن وجودها بنسب أيضا طبيعية، لكن التساؤل هنا: هل هذه الحالة سليمة اجتماعيا؟
قد يفيدنا المتخصصون عبر دراسة، وقد تكون وضعت للتعرف على سلبيات وايجابيات كلا النظامين في الدراسة المختلطة أو غيرها، بموضوعية.
هنا لا أصادر حق أي كان في ممارسة عدم الاختلاط، بل أطالب بتوفيره للراغب بذلك، سواء في التعليم أم غيره، لأني أعتقد بوجوب وجود الخيار للجميع، سواء اكان ذلك للأغلبية أو الأقلية، وان كنت أعتقد أن المدارس الخاصة المختلطة خيار غير جيد لما يضيفه من تكاليف على الأسر التي ترغب بهذا البديل.
بالمحصلة هناك خلل ما في هذا النهج اذا جاز التعبير، وربما آن الأوان لدراسة المتخصصين لهذه الحالة، بعيدا عن التشنج الممارس أحيانا، وبموضوعية تمكننا من التوصل لحل، قد يساهم في اصلاح الخلل الاجتماعي، ان وجد، بعد الممارسة العملية السابقة، أو حتى الرجوع لمراحل ما قبل الاختلاط، ان وجد المتخصصون ان ذلك أسلم، مع اعتقادي باستحالة ذلك لما وقع سلفا.
هذا بعض ما يمكن تداوله بخصوص هذه الملاحظة، وان كنت أعتقد أن الموضوع يحتاج الى عمق أكثر في بحثه، وليس هنا المجال لذلك وشكرا.
كاتب كويتي

You might also like