نظرة دقيقة على مسألة إيران اليوم!

0 193

عبدالرحمن كوركي

بالنظر إلى المشهد السياسي في إيران اليوم؛ يمكن للمرء أن يرى الحقائق بشكل صحيح وأن يتخذ الخطوات المناسبة، وإلا فسيكون “كمن يتحرك ليلا لوجهة مجهولة” أو “يتحرك على حد سيف حاد” والتي تكون نتائجه المؤلمة إما “الضياع” أو “التضحية”!
يُذكر ان فصل الصيف من كل عام بذروة المواجهة بين قوتين متضادتين في المشهد الإيراني، ومناسبات كعملية الضياء الخالد الملحمية عام 1988، وتنفيذ مجزرة الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين المجاهدين والمناضلين في نفس العام بأمر شخصي من خميني، والهجمات البرية سنة (2009) والهجمات الإرهابية سنة (2013) ضد قوى المقاومة في أشرف الأولى في العراق بأمر من علي خامنئي، وكذلك عقد التجمع السنوي للمقاومة الإيرانية من بينها، لكن ما نشهده هذا الصيف في مدار مختلف من هذه المواجهة.
أراد النظام زج تياراته وعملائه للتحكم في العراق تحت راية التحالف الدولي، وبهذه الطريقة يجعل مصير شعب هذا البلد رهينة، ويقضي على وجود القوى البديلة لنظامه في العراق، ورغم أقصى الجهود التي يبذلها الوصول لهذا الهدف والتي أدت إلى استشهاد وقتل ما يقرب من 200 شخص من أعضاء المقاومة الإيرانية ونهب ما يقرب من 600 مليون دولار من أصول “سكان أشرف” بواسطة عملائه، لكن المقاومة الإيرانية بتوجيه من السيدة مريم رجوي، وبدفعها كلفة باهظة وعبورها للعديد من المحن والأحداث الدامية والمعاناة، استطاعت نقل ساحة معركتها الرئيسية ليس باتجاه الغرب، بل إلى داخل إيران! تحتكم المقاومة الإيرانية حاليا على جيش تحرير مقتدر داخل إيران، والذي تحتوي قوته الأولية على الآلاف من “وحدات المقاومة” في المدن، فساحة المعركة الرئيسة للمقاومة الإيرانية ضد الديكتاتورية الحاكمة هي أرض إيران، ويعرف النظام هذه الحقيقة جيدا، لكنه يريد ألا يراها الآخرون!
يحاول النظام وجهازه الدعائي والديبلوماسي الإرهابي القول إن المقاومة الإيرانية ليست لها قاعدة شعبية داخليا، وأنهم قد نجحوا في إبعادهم الى الخارج، ومن أجل إضفاء الشرعية عليه، زعم أن إذا كانت هناك معارضة فهم ليسوا سوى فلول النظام الديكتاتوري السابق الذين يهتفون حاليا بشعار”رضا شاه طوبى لروحك” في الإحتجاجات داخل البلاد، وهي السيناريوهات والمشاريع نفسها التي خُطِطَ لها بالكامل في مجلس أمن النظام.
تمكن النظام الديكتاتوري الذي بدأ بالقمع داخل إيران والترويج للحرب والإرهاب خارج الحدود من النجاة من السقوط على يد جيش التحرير الوطني للمقاومة الإيرانية وبشكل واضح في صيف عام 1988بمساعدة الاستعمار ومهندسي سياسة الإسترضاء والمهادنة الغربية، وهو سعيد بفرص الإسترضاء غير المتوقعة في العراق وسورية واليمن ولبنان وغيرها.
يواجه النظام حاليا أزمتين عميقتين أخريين تتعارضان مع طبيعته، إحداهما هي “حركة التقاضي من أجل الشهداء” التي تجعله في مواجهة مع الشعب، والأخرى “حيازة الأسلحة النووية” والتي تجعله بمواجهة مع شعوب العالم، والتي يطلع الباحثون على حقائقها جيدا، ويعرفون أن قائد هذه المواجهة وحامل الراية في هاتين المواجهتين الكبيرتين ضد النظام الحاكم كانت المقاومة الإيرانية.
في أعقاب الإعلان عن حركة التقاضي لأجل دماء شهداء مجزرة الإبادة الجماعية التي وقعت سنة 1988، والتي اعلنتها السيدة مريم رجوي عام 2015، وبفضل الإعلان عن ميلاد هذه الحركة ووجودها الفاعل سرعان ما أصبحت قضية مجازر الإبادة الجماعية القضية الرئيسية في المشهد السياسي الإيراني، ما دفع الى التخطيط إلى إزالة الهوية والآثار والأسباب التي تقف عليها حركة التقاضي بكل طريقة ممكنة، والعمل على إخراج هذه الحركة من أيدي المقاومة الإيرانية. ولهذا الغرض وفي سيناريو قضائي سياسي معقد للغاية ودفاعي في الوقت نفسه قرر الكشف عن أحد مسؤولي خلاياه النائمة والذي على أساس أنه كان داخل السجن، من خلال كتابة “رسالة استنكار ضد منظمة مجاهدي خلق” و “المشاركة في مجازر الإبادة الجماعية للسجناء”، وبواسطة وزارة المخابرات في النظام الحاكم انتقل إلى أوروبا وقد شرع في عملية “تبييض” معرفا نفسه للعالم كـ” حامل راية حراك المقاضاة لأجل دماء الشهداء”، وبهذه الطريقة يتستر على الجريمة الكبرى، والنأي بنفسه ونظامه عن الهدف المعلن لحركة التقاضي وهو “معاقبة كل مرتكبي هذه المجزرة على يد العدالة”!

كاتب ومحلل سياسي
خبير في الشأن الايراني
@m_abdorrahman

You might also like