نظرة على قانون إنشاء الجامعات الخاصة

0 101

د. بدر سعد العتيبي

عندما تسعى الدول إلى إنشاء قطاع أكاديمي تحت مظلة القطاع الخاص، فهذا يعني أن منشآت مستقلة ستدخل في آفاق التعليم العالي، لكنها تحمل معها هوية القطاع الخاص وفكره المرن.
كما أن الجامعات الخاصة، وإن كانت جهات تعليمية غير تجارية، إلا أنها في النهاية مشروع قائم على أصول وعائدات وبيانات مالية لا يجوز لها أن تخسر، وإلا أغلقت أبوابها.
في ظل هذا الاختلاف المالي الجوهري بين الجامعات الخاصة والحكومية، فإن عين المشرع يجب أن تكون مسلطة على القطاع الأكاديمي الخاص خوفا من أن ينحرف السعي نحو نجاح الجامعة العلمية الخاصة إلى أن تتحول جهة تجارية بحيث تتعامل مع الطلاب كزبائن، وتتعامل مع الشهادات الأكاديمية كسلعة.
هذا يضع المشرع دائما بين نقيضين:
• الأول: هو مساعدة الجامعات الخاصة على تنفيذ المخططات العلمية للدولة بشكل أكثر مرونة من الجامعات الحكومية، بما يستوعب الطلاب غير المقبولين في القطاع الحكومي، وهكذا يستوعبهم القطاع الخاص.
• والثاني: هو ضرورة فرض نطاق واسع من الرقابة الصارمة على إدارة الجامعات الحكومية حتى لا تذهب بعيدا في المرونة فتتعامل بشكل ربحي بحت مع الطلاب، الأمر الذي يخالف القانون، ومبادئ التعليم العالي.
وهكذا، يجد المشرع نفسه مضطرا إلى فرض بعض الصلاحيات الحكومية على الجامعات الخاصة، على سبيل الاستثناء من كونها جهات قطاع خاص، لكن هذا الاستثناء إذا ما توسع خارج نطاق المصلحة العامة، يمكن أن يتحول أداة حكومية مركزية تتعارض مع حوكمة اللامركزية في إدارة القطاع الأكاديمي الخاص.
ويوحي اسم الجامعات الخاصة بأنها منشآت قطاع خاص بعيدة عن ثقافة القطاع الحكومي، لكن اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الجامعات الخاصة رقم 34/2000 كان له رأي آخر.
فقد نص هذا القانون على إنشاء ما أسماه: “مجلس الجامعات الخاصة”، برئاسة وزير التعليم العالي وعضوية ثمانية أعضاء من ذوي الخبرة والاختصاص في التعليم العالي، وقد اشترط القانون في هؤلاء ألا تكون لهم أي مساهمة، مباشرة أو غير مباشرة، بأي جامعة خاصة طوال مدة عضويتهم.
بالتالي، فإن لائحة قانون إنشاء الجامعات الخاصة 34/2000 قد أخضع هذه الجامعات للهوية الحكومية منذ إنشائها، حيث إن مرسوم الترخيص لها يخرج من وزير التعليم العالي الذي يشرف على القطاع الجامعي الحكومي.
ففي الوقت الذي تسعى إليه الجامعات الخاصة إلى رسم خريطة أكاديمية مستقلة جذريا عن الأسلوب الحكومي، ستجد نفسها في مواجهة مع فكرة سلطة إنشاء الجامعة حيث يجب أن يلقى مشروع هذه الجامعة قبولا وفق ذهنية التعليم العالي الحكومي.
وفي هذه النقطة، هناك تعارض ظاهر بين الغاية التشريعية من وجود الجامعات الخاصة، وبين سلطة إنشائها بالأسلوب الحكومي.

محام كويتي

baderlaw2@gmail.com

You might also like