هل عقلي السبب؟

0 286

منى العازمي

كثيرا ما تختلف الاستعدادات للاختبارات، فمنهم من يحفظ كل كلمة في الكتاب عله يستذكرها وقت الاختبار، ومنهم من ينسخ كل كلمة في الكتاب عله يستعين بها وقت الاختبار، ومنهم من يجد له وسيلة للتحايل على الاختبار، وما إن يبدأ الاختبار تتغير أمور كثيرة سواء كانت خارجية، كالتشدد في الرقابة، أو المرض الجسدي، أو أمورا داخلية كغموض أسئلة الاختبار، أو حدوث وشوشة للعقل وغير ذلك.
ما إن ينتهي الاختبار، يفرح من نجح وينسب فضل النجاح لعقله وحده أو لخطته التي اعتمد عليها وحدها، بينما يسخط من أخفق وينسب الإخفاق لأي ظرف صاحب ذلك الاختبار.
وعلى الضفة المقابلة، قد نهم في أمر ونبذل من أجله كل الأسباب، فإن تحقق نسبنا الأمر لطاقاتنا، وإن تعثر نسبنا الأمر للظروف وتعاسة الحظ، قد ندخل في معاملة تجارية ونعتقد بأننا نمتلك من الحذر ما يكفي لمنع استغلالنا من قبل الآخرين، وقد نستغل من خلال ثغرة صغيرة لم ننتبه لها، وهكذا يظل الإنسان في كل مجال ينسب فضل النجاح والانتصار لنفسه، وينسب أسباب التعثر والإخفاق لغيره والظروف.
إن الفكرة أبسط مما نتوقع، إن ما نمتلكه من طاقات جسدية ونفسية وفكرية، وما يهيأ لخدمتنا من الظروف والبشر ليست وحدها ضمانا للنجاح والنصر، بل ما هي إلا نوع من أنواع توفيق الرب لعبده، فكل ما نعيش من نجاح وما نحقق من إنجاز ما هو الا توفيق رباني، ولو شاء الله لطمس على قلوبنا وعقولنا وأعيننا وأسماعنا وغير ذلك مما يعيننا على تخطي الحياة.
إن العمل والاجتهاد وتسخير الطاقات أمور مطلوبة لتحقيق النجاح ولكن الضمان الوحيد هو توفيق الله الذي هو مبني على الخير المقسوم للعبد، فلا يعتقد الإنسان أن خيره موجود في منصب أو شهادة علمية، أو زيجة معينة، بل بالعكس قد يكون ما هو خير في ظاهره وبالاً على صاحبه، ولعل الخير في أمر غير ظاهر، لذلك في لحظة النجاح علينا أن نشكر الله على فضله، وفي لحظة الإخفاق علينا أن لا نتوقف عندها ونسلم لها بالإخفاق، بل يجب أن ندرك أننا يجب أن نغير الطريق، مؤمنين بأن ما حدث كله خير.
الراحة الحقيقية هي بذل الجهد في أمر وتقبل النتيجة أيا كانت، إيمانا منا بالله تعالى وثقة بحكمته، فالتسليم لأمر الله طريق مختصر من طرق النجاح، فهو أولا يحقق ركيزة من ركائز علاقة العبد بربه وهي الإيمان، وهو أيضا سبيل للتفكير في تغيير المسار وعدم الاستسلام للشكوى وندب الحظ، كما أن له أثرا نفسيا إيجابيا، فالنفس الموقنة بخيرة الله غير النفس المتلهفة وراء الدنيا، الأولى تعيش الطمأنينة والاستقرار، والثانية تعيش الزعزعة والقلق الدائم، ولا شك في أن الطمأنينة تستطيع توفير جو للإنتاج بينما يصعب على القلق توفير ذلك.

كاتبة كويتية
Mona.alazmii@hotmail.com

You might also like