هل هي مؤامرة على اقتصاد بلدنا؟

0 269

إما أنَّ الكويت اكتفت ولم تعد بحاجة إلى مزيد من الاستثمار، وإما أن الطمع استحكم إلى حد أعمى بصيرة القيمين على صنع القرار الاقتصادي، وإما أن هناك من يعمل على تقويضها لحاجة في نفس يعقوب.
مناسبة هذا الكلام تطبيق المادة الثامنة من القانون 74 لسنة 1979 الخاص بتنظيم تملك غير الكويتيين للعقارات، التي نصت على حظر تملك العقارات للشركات التجارية التي يشترك فيها شركاء غير كويتيين، وأن تلتزم تلك الشركات بأن تضمن عدم وجود أي مساهم أجنبي ضمن قائمة المساهمين في الشركة.
هذا القانون الذي صدر قبل 44 عاماً عفا عليه الزمن، ففي الوقت الذي يتملك فيه الكويتيون في كل العالم، وبمساحات شاسعة، وفي وقت أقرت دول الخليج المجاورة حق التملك للأجانب، ولقد ساعد ذلك على مزيد من الحركة الاستثمارية فيها، تأبى الكويت أن تتطور، وتتمسك بالانغلاق على نفسها، وكأنها جنة عدن محصورة بالكويتيين فقط، الذين يحق لهم في الدول الأخرى ما لا يحق لغيرهم، بينما ممنوع المعاملة بالمثل في الكويت، ففي العالم بإمكان أي كويتي أن يشتري قصر باكنغهام، أو البيت الابيض، أو أي عقار آخر إذا عُرض للبيع في تلك الدول.
حين تغلق أي دولة اقتصادها بهذا الشكل، فهي تخنقه، في وقت تعمل الدول كافة على تطوير أدواتها الاستثمارية وتعزز حركتها المالية، فعلى سبيل المثال يستطيع أي أجنبي التملك في الولايات المتحدة الأميركية، وأستراليا، وبريطانيا، وألمانيا، وغيرها من الدول، بمساحات شاسعة من الأراضي، حتى لو لم يكن مقيماً فيها، كما أن في العالم العربي تسمح الكثير من دوله بتملُّك غير مواطنيها بلا أي اشتراطات، أما في الخليج فقد طوَّرت بعض الدول قوانينها كما هي الحال في قطر، أو الإمارات، أو المملكة العربية السعودية والبحرين، وسمحت بتملك الأجانب للعقارات من دون أي شروط.
أذكر في الثمانينات من القرن الماضي، أصدر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، مرسوماً بتملك العقارات للأجانب في دبي، وحين اعترض البعض قال جملته الشهيرة: “إن ذلك سيساعد على تنمية البلاد، والمقيم الذي يشتري عقاراً لن يأخذه معه حين يترك البلاد”، وكان هذا القرار الخطوة الأولى في انفتاح الإمارة التي أصبحت اليوم وجهة عالمية لحركة استثمارية قل نظيرُها في المنطقة، وقد تعزز ذلك بالمرسوم الذي أصدره الشيخ محمد بن راشد عام 2002 وسمح به بتملُّك العقارات حتى مئة في المئة في بعض مناطق الدولة، وكذلك بعض دول الخليج وآخرها السعودية.
هذه الدول تعمل على جذب الاستثمارات من شتى أنحاء العالم، ولا تخضع لرؤية قاصرة؛ لأن هدفها تعزيز مناعتها الاقتصادية التي هي جزء من قوتها السيادية، أما عندنا فيبدو أن العقدة من الأجنبي وصلت إلى حد الـ”فوبيا” في وقت تزال ترفع حكوماتنا شعار “رؤية الكويت 2035” وهي خطة تنموية أعلنت في عام 2017، تهدف الخطة لتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري وثقافي إقليمي جاذب للاستثمار بحلول عام 2035، إلا أن كل ذلك يبقى حبراً على ورق؛ لأنَّ كلَّ القوانين والقرارات التي صدرت تنسف هذه الرؤية.
أمام هذا الواقع، نسأل: هل سننعم بحكومةٍ وجهاز تنفيذي يُحقق هذا الحلم، أو أن “رؤية الكويت 2035” مجرد حلم ليلة صيف؟

أحمد الجارالله

You might also like