يا ولاة الأمر… “عمك أصمخ”… “عمك أصمخ”…”عمك أصمخ”

0 257

أحمد الجارالله

عندما يُحَلُّ مجلسُ الأمة، أو يجري إبطالُهُ، تسع مرات في غضون 22 عاماً، فعلى الدنيا السلام، بل يجب أن نهيل التراب على الديمقراطية، ونتقبل فيها العزاء، إذ لا يُمكن لدولة أن تعيش في هذا الوضع المتأزم طوال عقدين من دون أي إنجازات تُذكر، ولا يُمكن أيضاً أن نتباهى بشيء أصلاً ليس موجوداً عندنا؛ لأن الوضع الصحيح أن تكون الديمقراطية محفزاً على الإنجاز وتطور المجتمع، وليس لشل البلاد طوال هذه السنوات.
في كلِّ العالم تُكمل المجالس النيابية فصولها التشريعية، وبعدها يجري تقييم المرحلة، وإذا كانت هناك أي عقبات تعمل السلطة والمؤسسات التشريعية والتنفيذية على إصلاحها قبل الدعوة إلى الانتخابات، لكن حين يكون عمر مجلس النواب أقل من عامين، فهذا يعني أن هناك خللاً في الأسلوب المتبع، وسوء فهم للديمقراطية، وبالتالي لا بد من البحث عن سبب العلة ومعالجته، أما أن تبقى الحال على هذا النحو، فهذا يعني تدميراً ممنهجاً للكويت.
ما هو ذنب المواطن ليعيش كل هذه المعاناة، بينما يرى العالم من حوله يتقدم وهو يراوح مكانه، ولماذا عليه أن يتحمل كلَّ هذه الأزمات المفتعلة، وهل بعد ذلك تصح عبارة “الكويت غير”؟
منذ ما بعد التحرير إلى اليوم لم نَرَ أيَّ بنية صناعية توفر الحد الأدنى من المتطلبات لما يحتاجه الشعب، ولا عملنا على تأمين الحد الأدنى من الصناعات الدوائية أو الأمن الغذائي، لذا لم نبالغ حين قلنا إن ورق التواليت يستورد من الخارج، فيما اكتفينا بالدخل الأحادي المُعتمد على النفط، ورحنا نردد كالببغاوات “عمار يا كويت” بينما الجميع يعمل على تهديمها.
لم ننظر إلى الأفضل دائماً، ولا تمثلنا بسويسرا، أو السويد، ولا حتى الدول الخليجية المجاورة التي سبقتنا بسنوات ضوئية كثيرة، إنما نظرنا إلى الأدنى منا، فَرُحنا نسابق أفغانستان بالتخلف، ولبنان والعراق بالفساد، فهل بهذا الأسلوب يمكن بناء تنمية، أو علينا أن نتخلص من هذه الذهنية، ونعمل على اجتثاث الفساد المُعشعش في كل المؤسسات؟
هل يُعقل أن بلداً كالكويت فيه كل هذه البنية التحتية من المستشفيات والمراكز الصحية يُنفق 17 مليار دولار على التصدي لجائحة “كورونا”، فيما البلدان الأكثر سكاناً منه أنفقت بحدود خمسة مليارات دولار، ولا أحد حوسب من الذين ارتكبوا جريمة التعدي على المال العام في هذه الجائحة، بل عادوا إلى منازلهم يتنعمون بما نهبوا؟
هل جرت محاسبة الحكومات السابقة على التقصير في كل المشاريع التي ثبت فيها الغش؟ وهل ضرب على أيدي التجار الذين لعبوا بقوت الناس، وفرضوا على الحكومات والمجالس النيابية عدم إقرار أي مشاريع تتعارض مع مصالحهم؟ وهل يعقل أن بلداً لديه هذه الإمكانات المالية والمساحات الشاسعة، لا يستطيع أن يزرع بعض ما يأكل؛ لأن المستوردين يرفضون ذلك؟
هل يُعقل أن مع كل تشكيل حكومة هناك أزمة، بل بعضها تولد ميتة، إما بسبب اعتراض بعض النواب، وإما نتيجة سوء اختيار الرئيس المكلف للوزراء، إذ كم وزيراً سقط قبل أداء القسم؛ لأن عليه شبهات، أو أقيل بسبب فساده الذي لا يمكن مداراته؟ بل كم رئيساً اتهم بسوء الأداء والفساد وحوكم على ذلك؟
منذ سنوات والأغلبية تُحذر من تردي الوضع الاقتصادي، ومن الأزمات الاقتصادية المتوقعة عالمياً، وتبعاتها على الكويت، فهل عملنا على حماية الثروة الوطنية، أو أنَّ الكلَّ سعى حثيثاً إلى أخذ حصته من كعكة المال العام وتهريبها إلى الخارج؟
رغم كلِّ هذا لا أحد يتحرك، ولا هناك حكومة قادرة على الاستمرار، بل كأن الذين يصرخون ألماً مما تعيشه الكويت يذهب صوتُهُم سدىً؛ لأنَّ “عمك أصمخ”، نعم “عمك أصمخ”، وهذه هي الحقيقة المُرَّة.

You might also like