يوم من أيام التاريخ

0 132

د.معراج أحمد معراج الندوي

إذا تساءلنا ما هو اليوم من أيام التاريخ الذي يستحق من الإنسانية أعظم تقدير واجلال؟
ما هو اليوم، من أيام التاريخ، يعتبر خالدا وخطا فاصلا في أدوار التاريخ؟
ما هو اليوم الذي يعتبر ميلاد العالم الجديد، وفاتحة العهد السعيد، الذي ولدت فيه قوة جديدة لمكافحة الشر وصد الفساد، لتكوين المجتمع الجديد القائم على الإيمان والعمل الصالح والتقوى وخدمة الإنسانية؟
وإذا تساءلنا: ما هو اليوم الذي ولدت فيه الامة العربية ولادة جديدة، بل ولدت للمرة الاولى، وظهرت على مسرح التاريخ للمرة الاولى، واستحقت أن تسمى “الأمة” الأولى في التاريخ؟
ما هو اليوم الذي تجلت فيه عبقريتها اللغوية، وحريتها الفردية وقوته في التعبير وقوته في التعبير وسعة لغتها، وأصحبت فيه الأمة العربية “أمة” تقرر مصير الأمة، وتغير اتجاه العالم، وفرضت على المجتمع الإنساني مدنيتها المقتبسة من الدين الجديد، المتشبعة بروح التقوى والأمانة، حيث أصبحت لغتها المحصورة في جزيرتها لغة العالم الجديد؟
ما هواليوم الذي تجدد فيه الأمل في الإنسانية ومستقبلها، وغلب التفاؤل على التشاؤم، الذي عادت فيه كرامة الإنسان إلى الإنسانية، ودبت الحياة الجديدة التي تليق بالشرف وتتفق مع غاية خلق الإنسان، والذي مدت فيه حياة الإنسان على هذا الكوكب، ومنحت الإنسانية فرصة جديدة في البقاء والازدهار؟
كان الجواب من غير تردد: هو اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، شاء الله تعالى أن يتم حلقة الأنبياء والرسل إلى البشرية، إنه هو الذي ولد فيه رسولنا محمد عليه ألف ألف صلاة وتسليم.
إنه اليوم الذي وجدت فيه الإنسانية رسالة الحياة والخلود، وهذه هي الرسالة التي غيرت مجرى التاريخ، وفي هذه الرسالة النبيلة للعدل والمساواة والمحبة السلام وجدت الإنسانية سبيلا للخروج من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها.
إنه هو اليوم الذي وجدت فيه الإنسانية الإيمان الذي فقدته وأفلست فيه من مدة طويلة، الإيمان بفاطر هذا الكون ووحدانيته، والإيمان بمصيرها وبالبعث بعد الموت بعد ما يئست من مستقبلها وتهالكت على هذه الحياة وعبادة الشهوات.
إنه اليوم الذي ولد فيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، وبفضله وجد المجتمع الرشيد السعيد الفاضل الكامل الذي لا يوجد له نظير في التاريخ. إن مصدر هذا الانقلاب، ومصدر هذه السعادة التي تتمتع بها الإنسانية هو هذا الحادث السعيد الذي حدث في الثاني عشر من ربيع الأول، ولادة محمد (صلى الله عليه وسلم)، إن ذلك اليوم، هو اليوم الذي يحق أن تنشد فيه الإنسانية بكل اعتزاز.
“ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء”.

أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها
في جامعة “عالية كولكاتا”الهندية

merajjnu@gmail.com

You might also like