30/6 … ما أروعك علشانك يا مصر
فوزي عويس
بادئ ذي بدء أعبر عن سعادتي بالانضمام الى أسرة كتاب جريدة “الجمهورية” احدى القلاع الصحافية العريقة في مصر والوطن العربي، وأدعو الله أن يوفقني وأستطيع أن أقدم للقراء الأعزاء ماينفع الناس ويمكث في الأرض وأن يجنبني الزَبد الذي يذهب جفاء.
عنوان هذا الزاوية التي ستكون أسبوعية بمشيئة الله تعالى “علشانك يامصر” يأتي امتدادا لمقالي الأسبوعي الذي ظللت أكتبه في جريدة “السياسة” الكويتية لأكثر من عشر سنوات في صفحات ” أم الدنيا” المخصصة لمناقشة هموم الوطن عموما وقضايا المغتربين خصوصا التي كنت أشرف عليها، وما أجمل أن تستمر كلمة “مصر” في عنوان هذه الزاوية، فما أنا الا كلمة في فم الوطن الذي سأواصل طرح قضاياه وفي القلب منها قضايا العاملين في الخارج التي أثرت الكثير منها في مقالاتي وحواراتي وتحقيقاتي الصحافية، والحمد لله تعالى، فقد نجحنا في البعض منها لكن الإخفاق كان أكثر بكثير اذ لاتزال هذه القضايا في أمس الحاجة لفزعة المسؤولين في الكثير من وزارات الدولة المعنية بشؤونهم، وشخصيا أنا شديد القناعة بأن الدولة، وان كانت تبذل جهودا كبيرة على صعيد الاهتمام بالمغتربين الا أنهم مازالوا بحاجة ماسة الى دعم أكبر منها خصوصا وأن الدولة تحتاج بدورها الى دعمهم والاستفادة منهم بشكل أكبر.
من حسن الطالع ان تكون باكورة مقالاتي في”الجمهورية” في يوم 6/30، هذا اليوم الفارق في تاريخ مصر والمنطقة، وكيف لا وهو اليوم الذي عبرنا فيه من الظلمة الى النور ومن الألم الى الأمل ومن الاحباط الى التفاؤل، إنه يوم ليس كأي يوم اذ سطر فيه المصريون ملحمة سجلها التاريخ في أنصع صفحاته وكيف لا وقد استردت فيه مصر هويتها التي كادت أن تضيع بفعل فاعل وفكر ماكر، إنه يوم أغنانا الله تعالى فيه مذلة الجلوس كالأيتام على موائد اللئام، وكيف لا وهو اليوم الذي أسقط المصريون فيه مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي كان قاب قوسين أو أدني من التنفيذ على طريق
“سايكس بيكو “، إنه يوم نزل فيه المصريون الى الشوارع بثلث تعدادهم الى الميادين والشوارع في كل المحافظات بلا استثناء رجالا ونساء وشيبا وشبانا وحتى أطفالا من أجل رفض الطغيان ورفع الكارت الأحمر للطغاة، وكيف لا وقد استطاعوا فيه تصحيح ثورتهم التي خطط لها الأذكياء وقام بها الشجعان واختطفها الانتهازيون، إنه يوم أعاد لمصر قيادتها للعالم العربي وكيف لا ونحن نرى الدور المحوري الذي باتت تلعبه عربيا واقليميا حيث أصبحت تتعامل مع دول العالم وعلى رأسه القوى العظمى معاملة فارس بفارس لا فارس بفرس، إنه يوم أثبت للعالم كله من أقصاه الى أقصاه أن القوات المسلحة المصرية هي جيش الشعب قولا وعملا وأثبت الشعب أنه شعب الجيش حقا وصدقا وكيف لا وقد انحاز الجيش الى الشعب ولم يخذله ويتركه لقمة سائغة للماكرين والكائدين والحاقدين.
إنه يوم تأسست فيه قوة عسكرية تخشى وتهاب ويحسب لها ألف حساب وحساب قناعة من ولاة الأمر بأن الحق الذي لايستند الى قوة تحميه باطل في شرع السياسة كما قال رمز الثورية والنضال “تشي غيفارا” وكيف لا ونحن نرى موقعه الآن بين جيوش العالم، إنه يوم للسعادة والفخار وكم نحن بحاجة الى استلهام روح هذا اليوم الذي وحد المصريين بشتى انتماءاتهم وتوجهاتهم وأفكارهم، حقا ما أروع هذا اليوم؟!
* * *
آخر الكلام : اللهم أدم مصر تاجا للعلاء في مفرق الشرق الذي لايمكن أن يرفع الرأس ان قدر الإله مماتها، لا قدر الله.
كاتب مصري