يا ولاة الأمر… الشعب يُحمِّل بيت الحكم المسؤولية

أين المشكلة؟ هل في الشعب، أو الدستور، أو الديمقراطية، أو بيت الحكم؟ وهل نحن نعيش في نظام ملكي دستوري، أو جمهورية موز، أو دولة مؤسسات واضحة حدود كل سلطة، ورئيس الدولة هو أبو السلطات وله صلاحيات لا يمكن المس فيها وفقاً لما نصَّ عليه الدستور، أو نحن خليط من كل هذا أسس لفوضى باتت تُهدِّد مصير الدولة؟
منذ 60 عاماً ونحن نعيش في أزمات متتالية، وفيما البعض يرد الأسباب إلى عدم تنفيذ الدستور، وهو نفسه عندما يجد أن من مصلحته التطاول عليه يخرقه ولا يرف له جفن، فيما يتبجح البعض الآخر بالديمقراطية وهو من جعلها أداة ابتزاز تخدم مصالحه، وبين هؤلاء وأولئك بات الشعب حائراً من يرعى مصالحه وشؤونه، ولا يجد من يخفف عنه في ظلِّ الظروف الصعبة التي يعيشها.
قبل الديمقراطية كانت مجالس الحكام مفتوحة الأبواب، يدخلها كلُّ مواطن يقول مظلوميته دون خوف، ويجري التحقيق فيها ويعطى كل ذي حق حقه، بل إلى اليوم في بعض الدول المجاورة ليست هناك مجالس نيابية كما في الكويت، وتعمل الحكومات وفقاً لمرئيات واضحة من دون أي مشكلات تعيق التنمية، ولم نسمع يومياً عن حل مجالس أمة أربع مرات في غضون ثلاث سنوات، ولا فساد “لا تشيله البعارين”، ولا مشاريع تزداد أسعارها إلى حد خيالي، ولا فساد في التعليم، أو أي قطاعات أخرى.
حتى في الدول الديمقراطية الأعرق في ممارسة هذا النوع من الأنظمة، ليس هناك نهب من المال العام، ولا محاباة في تنفيذ المشاريع التنموية، أو تمصلح قبلي أو طائفي أو حزبي، بل صلاحيات كل سلطة واضحة، فيما في الكويت وبعد 17 فصلاً تشريعياً، لا نزال ننتقد شراء الأصوات والضمائر في الانتخابات، والقبلية والطائفية، وكأننا ندور في حلقة مفرغة، فهل نحن شعب لا يستحق الديمقراطية؟
رأينا في الأشهر الأخيرة نقداً جارحاً للحاكم، لم نسمع به طوال العقود الماضية، ومحاولات حثيثة للتعدي على صلاحيات بيت الحكم، بحجة ما سطره الدستور، فيما لو أحد في المقابل انتقد ممارسات من يسمون أنفسهم حماة الديمقراطية الذين حولوها مسخاً بسبب أفعالهم، لكان زج في السجن.
الناس في الكويت لديها مطالب واضحة لا تخفى على أحد، وللأسف إن أحداً لم يسمعها؛ لأن الجميع منشغلون في ترتيب الصفقات، والاستحواذ على أكبر قدر من الثروة، وكأن الكويت دولة موقتة، وليست وطناً دائماً.
لنقلها بصراحة: الشعب في النهاية لن يحمل المسؤولية إلى مجالس الأمة، بل إنه بسبب نقص الوعي، سيُعيد انتخاب النواب ذاتهم، كما أنه لن يُحمّلها إلى الوزراء؛ لأن من اختارهم رئيس مجلس الوزراء، إنما سيحمل المسؤولية لبيت الحكم أولاً وأخيراً، وهو ما يعمل عليه المستفيدون من إضعافه عبر ممارسات باتت تمس وجود الكويت وليس بيت الحكم، الذي عليه أن ينتبه إلى هذه النقطة، ويوقف الاضطراب الحاصل في البلاد، ويكون هناك قرار حازم.
لقد أثبتت تجارب الشعوب أن الديكتاتورية المُستنيرة هي أفضل أنواع الحكم؛ لأن الديمقراطية المُشوَّهة كما في الكويت لا بد أن تؤدي إلى اتساع الفوضى، وربما هدم الدولة.

أحمد الجارالله

Comments (0)
Add Comment