يا ولاة الأمر… دول إنجازات ودولة الخيبات

لا شكَّ أنَّ الكويت ليست معزولة عن محيطها، وبالتالي يجب أن تتأثر به، فالعدوى تنتقل من كائن إلى آخر، لذا نسأل من باب الحرص على هذا الوطن: ألم تصب عدوى الإنجازات في الدول المُجاورة الدولة؟ وهل انتهى دور الكويت الإقليمي، وحلت مكانها أخرى تؤديه بامتياز؟
هذا الأمر ينطبق على الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وكذلك السياسي والسياسة الخارجية، وكل ما يتصل بنواحي الحياة، فهل سأل المعنيون في البلاد، وصناع القرار، بدءاً من النواب والسلطة التنفيذية، والسياسيين كافة، وصولاً إلى أصحاب المبادرات الشخصية: لماذا وصلت البلاد إلى هذا الوضع، أو أنهم يعرفون الأسباب لكنهم يستمرون في شل البلد؟
قليلة مطالب الكويتيين، وهي على كل شفة ولسان، وتزدحم وسائل التواصل الاجتماعي والصحف بتشريحها، والحديث بإسهاب عن أسبابها، وفي المقابل لا عين ترى، ولا أذن تسمع، ولا لسان ينطق، وكأن الطير على رؤوس المعنيين، فلا هم رأوا ماذا فعلت الدول المجاورة لشعوبها، وقراراتها الشعبوية التي تزيد من رفاهيتها وتزيد من مدى محبة حكامها، سواءً كان في الرعاية السكنية، أو التخفيف عنها حين تنشب أزمة معيشية بسبب الأوضاع الدولية، ولا أعلنوا الأسباب لمنعهم من العمل.
بعد أزمة الحبوب والقمح، رأى المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة أن الاستثمار بزراعة القمح، رغم المصاعب البيئية والفنية، يؤمن لها أمنها الغذائي، فاستفادت من التكنولوجيا الزراعية المتاحة في العالم، واستلهمت التجربة الصينية بزراعة الصحراء، وهناك دول عدة تتشابه بيئتها مع الكويت، استطاعت التغلب على مشكلة أمنها الغذائي.
هذه القرارات لا تحتاج إلى خطط وزارية، ولا حكومات وقوانين، بل إلى قرار من الحاكم، على غرار الكثير من المشكلات التي تُعانيها الكويت، فبينما أغلقت البلاد، عملت الدول المجاورة على فتح أبوابها للجميع، وآخرها سماح الحكومة السعودية لجميع المقيمين في دول الخليج بالحصول على تأشيرة سياحية إلى المملكة أياً كانت المهنة، أما في الكويت فلا يزال ممنوعاً على أحد دخولها، ولو زيارة إلا إذا كان حائزاً شهادة جامعية، أو امرأة تعدت الخمسين وبرفقة محرم، ومنع المقيم ممن بلغ الستين من تجديد إقامته إلا بشروط مزعجة ومكفلة.
حين تحتلُّ الكويت المرتبة الـ77 في مؤشر مدركات الفساد العالمي، وتزدحم الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي في الحديث عن مظاهره، وعندما يرد في التقرير عدم قدرة الحكومة على الحد من فساد المسؤولين وموظفي الخدمة العامة والسياسيين، أو وضع آليات فعّالة لتعزيز النزاهة في القطاع العام، وإساءة استخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة، فإنَّ هذا جرس إنذار، لكنه للأسف، لم يُحرِّك ساكناً عند أي من المسؤولين، ما يعني أن هذه المشكلات مستمرة بتخريب المجتمع، وهو أمر خطير لا يُمكن التغاضي عنه، أياً كانت المُبررات.
للأسف، عندما يُصبح التوزير تجارة ومنفعة، ويُعيَّن أحدُهم لشهرين أو ثلاثة من أجل راتب تقاعد كبير، والنواب يُغنون على ليلى مصالحهم، وعندما تتفاقم الأزمات الشعبية، ونرى ماذا فعل الجيران لإسعاد شعوبهم، حينئذ تستحق الدول المُجاورة لقب دول الإنجازات، بينما الكويت دولة الخيبات.

أحمد الجارالله

Comments (0)
Add Comment