يا ولاة الأمر… ننتظر رحمة الله بوطننا

أحمد الجارالله

يبدو أنَّ الفوضى هي القاعدة، والبقية تفاصيل، فحين تتعطل السلطات والأجهزة، فلا يعني ذلك أن الدولة بخير، وعندما لا يسمع المسؤولون صراخ الناس، سواء كان في وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي، فذلك يعني أن عطباً ما أصاب الدولة كلها.
إذ كيف ستسير أمور الشعب، ومجلس الأمة منذ انتخابه لم يُمارس عمله، فيما الحكومة إما مُقالة وإما مُستقيلة، وتصريف العاجل من الأمور سيد الموقف طوال الأشهر الماضية، إضافة إلى أن المناصب التنفيذية إما شاغرة، وإما بالتكليف، وما ينطبق على الحكومة ينطبق على تلك المؤسسات.
يومياً تُكتب آلاف الأسطر في الصحف كافة عن الأزمة المُستمرة، رغم وضع نائب الأمير، ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد، في النطق السامي لافتتاح مجلس الأمة خريطة طريق استُقبلت من الجميع في البلاد بكثير من التفاؤل، وكان يُمكن البناء عليها، إضافة إلى خطابه في 22 يونيو، الذي أكد فيه سموه أن الشعب الكويتي، وأسرة الحكم، شركاء في مسؤولية إدارة البلاد، لكن للأسف فإن المعنيين، خصوصاً في السلطتين، لم يُدركوا حجم هذه المسؤولية التي ألقيت على عاتقهم، بل أساؤوا إلى أنفسهم والشعب والدستور.
نعم، هم ارتكبوا هذا عندما لم يعملوا على تحقيق المطالب الشعبية، التي عبر عنها سمو نائب الأمير بكلِّ شفافية قلَّ نظيرُها في تاريخ الكويت السياسي الحديث، بل إن هؤلاء زادوا من تراجع البلاد على المستويات كلها، بدءاً من الاقتصاد، والإسكان، مروراً بالقروض، وصولاً إلى إغلاق البلاد، وتلك القرارات “القراقوشية” في ما يتعلق بمن يحق له زيارة الكويت، وتلك المواصفات التي لا تعبر إلا عن إمعان في شل قطاعات سياحية وخدماتية لاتزال تُعاني من الإغلاق الكبير بسبب جائحة “كورونا”.
حتى أبسط الأمور، كالعفو تعطلت، علما بأن هناك مساجين أوقفوا نتيجة جنح، أو قضايا مالية يُمكن أن يُطلق سراحُهم، كما في كلِّ دول العالم، إلا أنهم يظلمون يومياً نتيجة عدم العفو عنهم في المناسبات الوطنية.
هنا نسأل: هل بهذه القرارات والأساليب والممارسات الحكومية يُمكن النهوض بالدولة والسعي إلى تحقيق رؤية “الكويت 2035″؟ وكيف يمكن تحقيقها في ظل وجود قوانين مُتخلفة، لم يشرع بديلاً عنها ينسجم مع المسارات العالمية بالانفتاح وتعزيز المبادرات لتنشيط الاقتصاد وتحقيق المشاريع الكبرى؟
على ماذا يراهن هؤلاء، معارضة وموالاة، في تعطيل البلاد، وهذا الفراغ في المؤسسات الذي بات يمس كرامة الكويتيين كافة، وليس السلطتين، حتى أصبحنا أضحوكة في الإقليم، بل في العالم، إذ لا تعوزنا الإمكانات المالية والبشرية، عن تحقيق كل ما يمكن أن يجعل هذه البلاد في مصاف الدول المتقدمة؟
لن يُسهم العناد والتمترس خلف الأوهام في تحقيق أهداف النواب أو الحكومة، إذ عليهم أن يتذكروا قول الأعشى:
“كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنها
فلمْ يضرْها وأوهى قرنَهُ الوعِلُ”
لذا فإننا نبتهل إلى الله أن يرحم هذا البلد، ويرأف بشعبه من هواة سياسة عبثوا في المؤسسات كافة، وجلبوا على الوطن كلَّ هذه الأزمات التي، إذا ما استمرت، لا شكَّ سنورثها لأجيالنا القادمة.

ahmed@aljarallah.com

Comments (0)
Add Comment