نزعة الكاظمي الإصلاحية

أ.د. محمد الدعمي لا يعرف عن السيد مصطفى الكاظمي الكثير، بيد أن مجرد لقبه، "الكاظمي"، يدل على أنه ينتمي اصلاً الى مدينة الكاظمية، وهي مدينة من مدن المزارات الدينية الشهيرة في العراق، سوية مع سامراء وكربلاء والنجف. ربما كان هذا هو ماجعلها مدينة بساتين غنّاء، وكانت قد تضخمت خلال القرن الماضي حتى التصقت ببغداد، كما هي حال شقيقتها"الأعظمية"(نسبة الى الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان). وإذا كانت الكاظمية قد اكتسبت اسمها من مرقدي الإمامين الكاظميين (كاظمي الغيظ)، موسى بن جعفر ومحمد الجواد، إلا أنها اشتهرت بكونها من مراكز العلوم…

اللئيمة

أ.د. محمد الدعمي هذه "اللئيمة" هي حمى جائحة لا تحب أحدا، ولا تجامل أو تداري أحدا. هي تجسيد للكراهية والضغينة، وهي تجسيد للظلم الذي لا يميز بين ذي حق وذي باطل، إنها "جائحة كورونا"! حذارِ هذه اللئيمة الحقود، التي لا تبارحك حالما تخترق أي فتحة في وجهك. هي بدرجة من اللؤم أنها إذا ما مستك لا تقضي على آمالك بالحياة، ولا تكتفي بتخريب كيانك فقط، لأنها تمتد لأفراد أسرتك. إن لؤمها يحرمك من أقرب أحبائك إلى قلبك الآن وإلى الأبد، بل هي تباعد بينك وبين الآخرين حتى وإن لم تخترق جسدك. أما إذا ما حدث السوء، فأصابتك، فإنها قد تقضي عليك…

الغضب الأسود

أ.د. محمد الدعمي maldaami@yahoo.com اضطررت للاتصال بأحد اصدقائي من ضباط شرطة مدينة فينكس في ولاية أريزونا، بهدف تحذيره من عمليات الغدر والهجمات الاعتباطية لإيذاء ضباط الشرطة هناك على نحو متعام، وهي تلك الهجمات التي راح المكون السكاني الأسود من الشعب الأميركي ينفذها بعد جريمة قتل "العملاق الناعم"، "جورج فلويد"، كما أخذ يسميه أهله واصدقاؤه، خنقاً. والحق، فان هذه الصفحة من "ثورة الزنج" المتجددة والجارية الآن عبر الولايات المتحدة الأميركية ماهي إلا حلقة من سلسلة انتفاضات طويلة بواعثها "جرائم الحقد" Hate Crimes التي…

واشنطن واختراق حاجز الثقافة

د. محمد الدعمي غدا الوجود الأميركي المباشر في الشرق الأوسط حالا غير طارئة ولا موقتة، اذ إن عقود الغياب والاتصال غير المباشر بدول وشعوب هذه المنطقة، خصوصا بعد انزلاق بؤرة الستراتيجية الأميركية من إقليم جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي إلى المشرق العربي الإسلامي، طوّرت الإدارات الأميركية المتعاقبة وجوداً مباشراً... وجوداً غير مأسور بالكلمة المكتوبة والحرف المطبوع، ولا بالعمل بالوكالة من خلال الوكلاء. درجة إمكانية الحديث اليوم عن "تاريخ" لهذا الوجود، وهو تاريخ قصير لا يتجاوز العقدين المشحونين بالتعقيدات والمعضلات التي تنذر…

رواسب “الحريم” في مجتمعاتنا الآن

أ.د. محمد الدعمي لم أخفِ سروري لحظة تسلمي الأمر الجامعي بتعييني رئيساً لقسم اللغة الإنكليزية بكلية التربية للبنات عام 1999، فهذا الموقع التربوي يشرف المرء، ويترك آثاراً طيبة في نفوس مئات الطالبات الدارسات في القسم المعني، بيد أني ما لبثت أن اكتشفت أني قد دخلت بهذا التعيين حقل ألغام، لا يمكن للمرء الخروج منه سالماً، نظراً لأن هذا القسم الدراسي كان مزدوجاً: (1) القسم الرسمي الأصلي؛ (2) القسم الظل. أما القسم الأول، فقد تمرست على إدارة مثيل له بكلية اللغات ـ جامعة بغداد قبيل بضعة أعوام من تسلمي العمل بهذا القسم "البناتي"…

نحن… والغرب

د. محمد الدعمي ثمة ضبابية في الرؤية باتجاه ما نسميه"غرباً"، ونحو ما صرنا نسميه "الغزو الثقافي". أي مسح شمولي لتضاريس الثقافة العربية في القرن الذي غادرناه باتجاه الألفية الجديدة، لن تخفق في الكشف عن تنوعات وتبرعمات أثر الثقافة الغربية علينا من خلال تباين المواقف العربية المثقفة من"الغرب"، بوصفه محكاً من محكات المناظرات والمجادلات، والجدل الساخن الذي يدور كل يوم تقريباً هنا وهناك عبر دول وطننا العربي زيادة على المهجر. ليس في ذلك مبالغة، فقضية الموقف من"الغرب" كما تتخيله ما تسمى"النخب" غدت جزءاً من هوية بعض الإتجاهات…

تأملات في إعادة كتابة التاريخ

د. محمد الدعمي تقودنا مناقشة موضوع"إعادة كتابة التاريخ"، الرائج في العالم العربي خلال هذه المرحلة، إلى ملاحظة حقيقة مهمة، وهي: إن دافعية وبواعث الاهتمام العربي، المشرقي خصوصا، بهذا الموضوع إنما تعبر عن حالة اللا يقين التي يعاني منها الإنسان العربي، المثقف خاصة. فإذا ما كان الحاضر صعب المراس وعصيا على الفهم والإدراك بوضوح، يكون المستقبل أكثر غيمية ومنبعاً للخوف والقلق، الأمر الذي يبرر اعتماد الماضي كأساس واحد للتيقن ولإعادة الثقة بالذات وبالقدرة على التوليد والتجدد. لذا كان التمسك بتقديس الأسلاف وانجازات الماضي القومي…

كيف نقرب المسافة بيننا وبين الآخر؟

د. محمد الدعمي دار الحديث عن العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في أوروبا دوراناً عجيباً، ثم ما لبث أن تلاشى وكأنه غيمة صيف عابرة. لا تنطلق أهمية الموضوع من مسببات الشخصيات التي ناقشته، ومنهم رؤساء دول وحكومات ومشكلو رأي عام، إنما من المعاني والدلالات الثقافية التي تفرزها فكرة هذه العلاقات، إذ يوضع الإسلام في جانب، وبقية أديان العالم في جانب آخر. وإذا كان البعض قد خلُص إلى مسببات متنوعة لتأثير أهمية هذا النقاش الدولي، فإن له أن يتجاوز التكهن بأن أهميته لا تنحسر في أوروبا، إنما تستبق نوعاً من الارتطام الثقافي، زد على…

استملاك ماضي العرب عنوة

د. محمد الدعمي استقطب التاريخ العربي الإسلامي اهتماماً متميزاً منذ الفكر الأوروبي ومرورا بالعصر الوسيط وحتى اليوم، ليس بسبب معطيات الجوار الجغرافي وما اكتنفه من تنافسات وصراعات فكرية وعسكرية عبر القرون، بل كذلك بسبب آليات التحدي والاستجابة التاريخية التي تتجسد اليوم بعامة في صياغتين مختلفتين لهذا التاريخ: واحدة عربية إسلامية محلية، وثانية غربية أجنبية، تحاول «استعراض» هذا التاريخ من موقع فوقي، إذ تشكله وتقرؤه على النحو الذي يوائم نظرتها ورؤيتها المعاصرة بغض النظر عن طبيعة المواقف العربية الإسلامية المعاصرة إزاء ماضيها،…

ألعاب الاستنجاد بالدول الغربية

د. محمد الدعمي لا يمر يوم دون أن تقدم لنا وكالات الأنباء والفضائيات قصصاً وأنباء عن «هروب» أو لجوء واحد أو أكثر من مواطني الدول الشرقية، المبتلاة بعضها بالحكومات الشمولية أو بالتقاليد الاجتماعية البالية، إلى إحدى الدول الغربية. والحق، فإن ظاهرة الشكوى والالتجاء إلى»أحضان» الغرب تأخذ أشكالاً شتى، منحنية وملتوية ذات اليمين وذات الشمال بحسب أهواء السياسات الغربية وبضمن سياقات ما يسود العالم من صراعات سياسية،وتنافسات اقتصادية قد تصل حد النزاعات المسلحة. لذا فإن هذه الظاهرة، التي كانت تتجسد سابقاً بهروب عالم سوفياتي أو…