السودان وتيجان العشائر …!

د.صبحي عبد النبي عبد الصادق "فأدركت بالشأن الذي جال حوله شباب بنوه من جنوب وشمال" اتسعت شوراع السودان مراغًا وازينت أطرافها جمالًا، واشرقت شمس اليوم مبتهجة ومستبشرة فرحًا باحتفالات البلاد بعيد الاستقلال حقًا. اليوم ظهر عدل الله طوعًا عند قوم وعنوة عند آخرين، وبناصع الوضوح قد نال كل صاحب همة قسطه من الفرح، وكل صاحب مصلحة قطه من الحزن. مبروك للشعب السوداني، مبروك لكل أب وأم لفظ بفلذة كبدهما، وكل شاب سالت دموعه وهمومه لرؤية نافذة مطلة على بحر الحرية، وكل من حرك أنامله وتحرى حروف العز والمجد في صفحاته، وكل من نام…

الأساطير بين التبرير والتشويق

د. صبحي عبد النبي عبد الصادق يعتبر مزج الحقائق بالأساطير في مسامر العرب ومجمعاتهم من أساليب التشويق والتحفيز لجذب السامعين والسروح بخيالهم إلى أفق بعيد عن الواقع، ليخرجوا من النمط الى المغمور، مع طابع الصدق، وتحاشي الكذب الفاحش، نظرًا لرؤيتهم للأساطير ثقافة وفنا. ومن اهم مايميز ساحاتهم تمييزهم الحقائق عن الأساطير في الأذهان،وإن كان الامتزاج بينهما موجودًا في حاناتهم، فلذا لم يؤثر هذه الأساطير في دقة نقلهم لبقية العلوم كعلم الانساب، واقوال الحكماء،وبعض المعلومات عنالعقاقير الطبية العشبية، ونقلهم لاخبار ملوكهم وحروباتهم…

إضاءات من آيات

د.صبحي عبد النبي عبد الصادق قال تعالى:"رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ". هاجر سيدنا إبراهيم، عليه السلام، من أرض بابل بالعراق، بعد أن انقذه الله عزو جل من نار النمرود،كما قال تعالى:"قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ" ثم توجه مع ابن أخيه لوط عليه السلام إلى أرض فلسطين ونزل لوط…

فلسفة الحياة عند عنترة

د.صبحي عبد النبي عبد الصادق لم تكن الحياة عند العرب مجرد نوم ثبات وإحساس يقظة، وأكل لذيذ، وشرب هنيء، بل كانت تعني الوجود الذاتي وعدم الركون للغيروالرضا بالذل، يقول عنترة: حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل واذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل ويرسم حدودًا على التعامل مع الظالم، والتصرف مع الجاهل بإشارة: وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالماً واذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل ويشير بعدم تجاهل الجبان بل لابد من خطة تنتهجها نحوه: وإذا الجبانُ نهاكَ يوْمَ كريهة خوفاً عليكَ من ازدحام الجحفل فاعْصِ مقالَتهُ ولا تَحْفلْ بها واقْدِمْ إذا…

فروقات لغوية

د. صبحي عبد النبي عبد الصادق الفرق بين أطفأت النار، وأخمدت النار: كلا اللفظين يتفق في اطفاء النار واخمادها وهي بمعنى ايقاف النار؛ ولكن يأتي الاختلاف بأن الإخماد تعني ايقاف النار الكبيرة، فلذا عندما ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم خمدت نار فارس لأنها كانت نارا كبيرة وعظيمة اوقدت وعبدت الف عام بلا انقطاع، ولاستعمالها الخاص للعظائم لايقال في اللغة السليمة:أخمد هذا السراج، وذلك لصغر حجمه. أما الإطفاء فتستخدم لايقاف النار الصغيرة والكبيرة، كما قال تعالى "كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله" وبلا شك أن اليهود كانوا يوقدون…

الأرض المهيأة!

د. صبحي عبد النبي عبد الصادق الخصلة الحميدة هي عنوان العربي الأصيل، وكانت تعتلي مكانة مرموقة في ألسنة المادحين؛لأن جدباء الموطن تحتاج الى تلك الخصلة وطيب الخلق والرقي الإنساني، وما نال قومٌ من العفة والبعد عن العقوق، مثل ما نالت أقوام العرب وفي هذا يقول زهير بن أبي سلمى: "فأصبحتما منها على خير موطن بعيدين فيها من عقوق ومأثم". فالخير عند الشاعر بعدهما عن العقوق، والمأثم، رغم أن السيدين اللذين مدحهما،عاشا في حقبة مظلمة بغبار حرب داحس والغبراء. فلذا استحقت تلك البقاع أن تكون الساحة التي تشع منها نور الإسلام على…

فجوة السيرة تبين صدق الرسالة المحمدية!

د.صبحي عبد النبي من العجائب التي تشد العقول، وتيقن النفوس حتمًا، وتعين الذين تعروهم الشكوك حول الرسالة المحمدية؛ هي ثقافة البيئة العربية التي تخللت فيها الفجوة المعرفية في جانب من جوانب السيرة الأدبية للأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ماهي الفجوة ! الفجوة هي الفراغ بين الشيئين، ونقصد هنا غياب سيرة الأنبياء(عليهم الصلاة والسلام) في ساحة الحضارة العربية وغيرها من الحضارات. لم يكتف الشعراء، والأدباء قبل الإسلام بالوقوف على الاطلال، وتجسيد البيئة وتشخيص المحبوبة فقط. لكنهم كانوا يستدلون احيانا بسيرة حية كقول الشاعر في وصف…

المعلم وحصرية صناعة المواهب

د. صبحي عبد النبي عبد الصادق التعليم من المهن المتفق على شرفها، وكرامتها، وبُعد رسالتها، وعظمة ثمارها. والمعلم مهما تقدم الزمن وتغير الحدث هو الشجرة الظليلة للمجتمع. وعلى يديه صلاحهم، وفسادهم. يظل المعلم في الظروف جميعها يستشعر هذه الأمانة، ويعلم مدى ضرورة الإخلاص في مهنته؛لانها من المهن التي تصعب على البشر مراقبتها بالدقة،إذ ليست كالتجارة التي تبان حقيقتها من الجرد الشهري أو السنوي. وليست كالهندسة التي يظهر تقييمها من أول عقار. ولا ابالي لوقلت إنها اصعب من مهنة الطب، إذ الطبيب قد يخطئ في اصابة شخص، وقد يتدارك علاجه،…

ألا ترضون أن ترجعوا وفي قلوبكم رسول؟

د. صبحي عبد النبي عبد الصادق محمد حظيت قلوب العاشقين، وأرواح المحبين على مر الدهور شيئًا من رشق وعبق العطر المحمدي صلى الله عليه وسلم،وخصوصا من فجر الإسلام، فاعتنى بهم قائدهم وحبيبهم بفضل خاص بعيدًا عن حطام الدنيا وملذاتها، وكأنه يربيهم على مجالس "أنا مالي والدنيا" فحمل أصحابه واحبابه على موائد الشوق والاتصال به دومًا،حتى جاءت الشهادة من لدن حكيم عليم بأن لاتنسوا هذا الفضل العظيم فقال تعالى(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ…

أساليب الخطاب في القرآن الكريم

د. صبحي عبد النبي عبد الصادق يعتبر القرآن الكريم المصدر الأول والأصل للغة العربية، وتُبنى قواعدها على حيثيات ومجريات أساليب القرآن الكريم، وعندما جاء به المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وجد أرضًا طافحة، وفاخرة باللغة العربية، حظي بها قوم في بناء مجدهم، فكانت اللغة تنساب على ألسنهم انسيابًا مزجًا على حرير المعاني سليقة، فلم ترض غير النصاعة، فبها وزنوا الصادق من الكاذب. ولم تقبل اللغة ولا أهلها أي حالة غرابة تعيق بجزالتها، ومن طرق اعتنائهم باللغة علموا إفك مسيلمة الكذاب شيطان اليمامة من ميزان الأسلوب حين قال:" الفيل وما…