إلى متى وكل شيء بالتكليف وموقت؟ صراحة قلم
حمد سالم المري
يقول لي أحد الإخوة الظرفاء: لا أعلم ماذا حدث لديرتنا، هل أصيبت بعين حتى نأتي بشيخ يقرأ على شوارعها ومرافقها ومسؤوليها، أم تم عمل سحر لها فنبخرها بالبخور والجاوني؟
هو يعلم في قرارة نفسه، أن الوضع الذي وصلنا إليه حاليا من التردي في جميع المجالات هو بسبب الصراع بين المتنفذين لتحقيق مصالحهم الشخصية، وأن الأمر لا يحتاج إلى قارئ ليذهب العين عنا، ولسنا مسحورين حتى نبخر الشوارع والمرافق العامة.
الفساد الذي طال الغالبية العظمى من مرافق الدولة سببه عدم استقرار الحكومة، فأصبح كل شيء موقتا، وكأننا نعيش في شركة غنية بالأموال والأصول، لكنها تتخبط في عملها بسبب سوء الإدارة.
وكما يعلم طلبة الإدارة فإن التخبط الإداري، وعدم الاستقرار، وعدم وجود رؤية واضحة للمستقبل تؤدي إلى انهيار الشركة مهما كانت كبيرة وغنية، كما حدث في بنك “سيليكون فالي”.
المناصب القيادية والإشرافية في غالبية وزارات وهيئات الدولة لم يعين فيها أحد منذ سنوات، فهي تدار بالتكليف، والمكلفون بها غير مستقرين، لهذا السبب لا يستطيعون اتخاذ قرارات حازمة لإصلاح أمور وزاراتهم.
وسبب فراغ هذه المناصب هو وجود الصراع السياسي بين الأقطاب المتنفذة، وأيضا بسبب عدم استقرار الحكومة لكثرة استقالاتها، فها هي وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة يوجد لديها وكيل وزارة مع 11 وكيلا مساعدا جميعهم بالتكليف، وهذا الأمر ينطبق على الغالبية العظمى من الوزارات والهيئات الحكومية، ولا نعلم إلى متى سيستمر هذا الوضع.
كما أن عدم استقرار الحكومة، انعكس على عدم تجانسها، الذي انعكس بدوره على عدم وجود التعاون والتنسيق بين قطاعاتها، فزاد ذلك من طول الدائرة المستندية التي وضعت سياستها وقوانينها الصادرة في الستينات من القرن الماضي.
والدليل على هذا تعطل أصحاب قسائم منطقة المطلاع (N1-N2-N3-N4) عن البدء في بناء منازلهم التي انتظروها نحو 20 سنة رغم حصولهم على هذه القسائم منذ ثلاث سنوات، حتى تدخلت القيادة السياسية ووجهت بالإسراع في اصدار اذونات البناء، فاجتمع كل من وزير المالية عبدالوهاب الرشيد، ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، الدولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني عمار العجمي، وبعض مسؤولي بنك الائتمان، ومؤسسة الرعاية السكنية، وتم اصدار قرار ببدء اصدار اذونات البناء بدءا من شهر ابريل المقبل، بعد أن نسقت هؤلاء الوزراء مع هاتين الجهتين كيفية العمل على اصدار هذه الاذونات وتوفير المبالغ المالية لها.
فهذا الاجتماع والتنسيق لو عقد منذ ثلاث سنوات مضت لما كان هناك تآخ، ولا احتاج الأمر إلى تدخل القيادة السياسية وتوجيهاتها.
نحن في الكويت نفتقر الى وجود الاستقرار السياسي، فرغم وجود حالة الترقب لإعلان الحكومة الجديدة، إلا أن الشعور العام لدى المواطنين، هو عدم استقرارها، وأنها سوف تستقيل قبل أن تستكمل مدتها الدستورية حالها كحال الحكومات السابقة، لأن الجو العام تشبع بالفساد، السياسي والإداري، فأصبح المواطن يرى الإصلاح مستحيلا في الوضع العام الحالي.
الأمر يحتاج إلى غربلة شاملة وجذرية لجميع شؤون الحياة، وهذا يحتاج إلى حزم وعزم، وهذا لن يحدث بسبب وجود صراع الأقطاب.
al_sahafi1@