افرضوا هيبة الدولة قسراً مختصر مفيد
أحمد الدواس
من الرؤساء المخلصين لوطنهم رئيس تنزانيا جون ماغـوفولي، ففي إبريل 2019 أقال مسؤولين بارزين من بينهم رئيس هيئة مكافحة الفساد، وقلص عدد الوزراء من 30 في الحكومة الى 19 وزيرا، وطرد عشرة آلآف موظف بتهمة التزوير، وفرض على جميع الوزراء الكشف عن أرصدتهم وممتلكاتهم، كما هدد بإقالة أي واحد لايكشف عن حسابه.
وفي زيارة مفاجئة للمستشفى الرئيسي في الدولة، وجد المرضى يفترشون الأرض والأجهزة الطبية معطلة، فعزل جميع المسؤولين في المستشفى، وأعطى مهلة أسبوعين للإدارة الجديدة، فأصلحت كل شيء خلال ثلاثة أيام فقط.
أرسل ماغوفولي رئيس وزرائه لتفتيش مفاجئ لميناء دار السلام، واكتشف وجود اختلاسات في العائدات، فأمر باعتقال رئيس الديوان مع خمسة من كبار مساعديه، وباع جميع السيارات الحكومية الفارهة في مزاد علني، وعوض المسؤولين بسيارات “تويوتا” متواضعة الحجم.
ومن الأمثلة الأخرى ان مدينة نيويورك الأميركية كانت تعج بالجريمة والفساد والبطالة قبل 80 عاما، ثم تولى لاغوارديا منصب العمدة فيها، وكان رجلاً نزيها، فاستطاع بإجراءاته الإصلاحية، وبمساعدة الرئيس فرانكلين روزفلت هزيمة الفساد.
قد أصلح أحوال المزارعين الفقراء والعمال العاطلين، وأمر ببناء المساكن بتكلفة مخفضة، وأقام ملاعب عامة وحدائق، ومطارات، وطّور المدينة، فشُيدت الطرق السريعة والجسور والأنفاق، ومارس عمله بشكل صارم، كعمدة محنك صعب المراس، وبفضله ساد الهدوء شوارع نيويورك بعد ان كانت تعج بالجريمة، فاستطاع الناس المشي في الطرقات آمنين.
وحول تطبيق القانون بحزم، حررت الشرطة البريطانية في وقت ما، مخالفة سير ضد سيارة الأمير أندرو، نجل ملكة بريطانيا، لوقوف سيارته في منطقة ممنوعة في أحد شوارع لندن، وفرضت الحكومة غرامة على مواطن وجاره بمبلغ 3800 جنيه إسترليني لأنهما قطعا فرع شجرة أمام منزليهما، أي أن مجرد قطع غصن شجرة يُعتبر خرقا للقانون.
كما تعرض بريطاني آخر لغرامة مليون ونصف المليون جنيه إسترليني، أو السجن تسع سنوات لأنه قسَم منزله أقساماً أجرها لأفراد.
في الأرجنتين جمدت الحكومة حسابات رئيسة الدولة السابقة كريستينا فرنانديز، وفي المالديف سُجن زعيم المعارضة لمدة 12 سنة لدوره في المشاركة باحتجاجات سنة 2016، وسجنت حكومة بيرو رئيسها السابق أولانتا هومالا، وفي فرنسا أُحيل رئيس فرنسا السابق نيكولاي ساركوزي للتحقيق بتهمة إساءة استعمال السلطة.
وحكمت محكمة إسبانية ضد أخت الملك الإسباني لأنها تهربت من دفع الضريبة، وأعدمت فيتنام مسؤولين بتهمة الاختلاس.
اما في اليابان قوانين صارمة تُشعر المرء بهيبة الدولة، ويٌعزى السبب إلى تواجد الشرطة في كل مكان.
أن في تطبيق القوانين غصبا على الجميع يجعل الوافدين والمواطنين يطيعون القانون ويخافون العقوبة، والقبض عليهم، ودفع الغرامات أو السجن.
يقول أستاذ التاريخ في جامعة “ستانفورد” الأميركية فيكتور ديفيد هانسن: “إذا لم تعاقب الدولة الشخص الذي يخرق القانون فإنه سيُضيء نوراً أخضر لمئات الأشخاص أمثاله، عندئذٍ ستضعف كل أشكال القوانين، وسيرسل رسالة لآخرين تحرضهم على خرق القوانين”.
افرضي يا حكومة تطبيق القانون قسرا وبالقوة حتى نجتث الفساد، فلقد ضاعت الذمم، وانتشر العنف، وزاد عدد الجرائم بمختلف أشكالها، وتخلف البلد على كل الأصعدة، ليشعر الجميع بهيبة الدولة حتى نحمي المواطن ومستقبل البلاد والأجيال القادمة.
سفير كويتي سابق
aldawas.ahkwt@yahoo.com