الزواج الثاني… تعددت الأسباب والرغبة واحدة الإهمال وفقدان الحب وعلاقات العمل أهم دوافعه
القاهرة- أحمد القعب:
تعدد الزوجات أمر مشروع في الإسلام، لكن الزوج الذي يقصد من الزواج بأخرى قهر الزوجة الأولى وإلحاق الضرر بها، عذابه عند الله عظيم.
وبين الإباحة والمحاذير والشروط التي حددها الشرع، أكد الأزهر الشريف أن تعدد الزوجات في الإسلام مشروط بإقامة العدل بينهن” فيما اعتبر مختصون في علم النفس وخبراء علاقات اجتماعية وأسرية في لقاءات مع “السياسة” أن هذه الخطوة وراؤها أسباب عدة منها ما يتعلق بمعاناة أحد الزوجين من فقدان الحب والإهمال مع ضغوط الحياة أو سفر الزوج الطويل، والبعض الآخر يقبل عليه حال تأخر الانجاب لاسيما إنجاب الذكور، فيما يتجه إليه آخرون لاشباع نزواتهم او قهر زوجاتهم بـ”الضرة” وثالث يسعى إلى الزوجة الثانية بدافع الرفاهية المالية أو صفقة، داعين الزوجة الأولى إلى الاهتمام بزوجها والمحافظة على مظهرها وتلبية حاجاته واحتوائه في إطار من الود والتفاهم، وفيما يلي التفاصيل:
بداية، قالت أستاذة العلاقات الاجتماعية والأسرية دكتورة سمر عبدو إن بحث الرجل عن زوجة ثانية له أسباب عدة تتعلق بالزوجة أو الأهل من الجانبين، فقد يبحث الزوج عن “الحب” الذي يشعر أنه يفتقده مع زوجته بسبب “الزواج الأسري أو الصالونات”، في وقت يكون مرتبطًا بفتاة قبل زواجه، فتتولد لديه عاطفة الحب المفقود مع الزوجة من خلال اختلاطه بفتاة أخرى في العمل أو الالتقاء معها في مناسبة ما، وكثير من الرجال في وقتنا يمكنهم أن يكونوا على علاقة مع أكثر من فتاة تطور إلى زواج ثان.
وأضافت: من بين الأسباب أيضا، اهمال الزوجة لزوجها فور قدوم المولود الأول، إذ تركز الزوجة حبها واهتمامها على الطفل، وتقل عاطفتها وحبها للرجل، كما تقلل من رعايته ومتطلباته ما يجعله يتساءل أكثر من مرة ماذا حدث، وهل تبخر حب زوجته له فيبحث عن الاهتمام المفقود في طرف آخر.
وأوضحت أن هناك من الأزواج من يطلب أن تشبع له زوجته رغباته كأن يطلب منها ان ترقص له الزوجة لكنها تأبى ذلك لأسباب في نفسها أو لعدم إلمامها بالرقص، فيحاول الزوج اشباع هذه الرغبة مع امرأة أخرى، لافتة إلى ثمة من يفضل إقامة علاقات حميمية مضاعفة لا تقوى الزوجة على مجاراته جسديًا، وآخر يعشق السفر بينما زوجته ترفض فيجد ذلك مع أخريات، فضلا عن عدم توافق الفكر، الأهداف للذات المتشابهة التي لا تتوافر في الطرفين لهذا يلجأ الرجل لأخرى.
وأشارت إلى أن غالبية الزوجات ترى ان زواج أزواجهن من أخريات “نكسة” لهن، فتلجأ بعضهن لكثير من الأساليب التي ينفر منها الزوج، مثل: المعاملة بالمثل، والمنافسة، والصراع معه، والندية، والمساواة وأنها مثل الرجل، هذا خطأ كبيريعزز من قرار الرجل في الارتباط بأخرى.
ونصحت الزوجة مهما كانت علاقتها مع صديقاتها أن تحرص على أن تكون الصديقة بعيدة عن زوجها، فالصديقة قد تتحول إلى زوجة له و”ضرة” لها بمجرد أن يزداد الود بينهما.
الحاجة للإنجاب
من جهته، أوضح الدكتور ماهر ضبع، أستاذ علم الاجتماع، كلية الآداب، جامعة المنوفية، أن الرجل دائمًا ما يبحث عن تخليد ذكراه، لذلك فأغلب الرجال يتمنون إنجاب الذكور، فمجرد أن تنجب زوجته طفلة تتنازعه أفكارمضطربة عمن يحمل اسمه ويتشتت تفكيره خاصة إذا أنجب في المرة الثانية والثالثة والرابعة بنات، فيفكر في الارتباط بأخرى، كما ان إصابة الزوجة أو إصابته هو بالعقم يكون أيضا من أسباب الزواج بأخرى فضلا عن الوضع الاجتماعي للزوجة الثانية التي غالبًا ما يكون زواج “مصلحة” لمالها وثرائها، طمعًا في منصب او تلبية لحاجة أو رغبة فتكون الزوجة الثانية هى الوسيلة لتحقيق تلك الغايات، كما يشجع الاختلاط المباشر “الزائدة عن الطبيعي” في العمل على توفير الجو المناسب لتعدد الزوجات على قاعدة اشباع الرغبات.
وبين ان من الأسباب أيضا أن تكون الزوجة مريضة مرضًا يصعب علاجه أو يحول دون تأديتها لواجباتها كزوجة، في الوقت الذي يكون لدى الرجل فرط جنسي ولا يقوى على انتظار شفاء زوجته من المرض ، كذلك السفر لفترات طويلة يدفع الرجل إلى الزواج بأخرى وربما يكون الزواج الثاني دافعه إنساني، كالزواج بإحدى القريبات من الأرامل أو المقبلين على العنوسة حفاظًا عليهن، أو أن تكون الزوجة ذات طباع تحول دون قدرتها على أداء واجباتها الزوجية والأسرية، مثل الخروج المفرط، التأخر في العمل، و عدم قدرتها على طهي الطعام.
حاجات نفسية
بدوره، اكد الدكتور عماد محمد، أستاذ علم النفس، كلية الآداب، جامعة الزقازيق، أن الزواج بأخرى حق لكنه مشروط، بأن توافق الزوجة الأولى وأن يعدل بين الزوجتين، إلا أن الكثير من الزيجات حسب بعض الدراسات تؤكد أن 15 في المئة من الزيجات الثانية تكون سرًا بسبب حاجات نفسية وجسدية وإشباع رغبات أكثر منه زواج بمفهومه الشامل.
وأوضح أن ضغوط الحياة والعوامل الاقتصادية تسهل الزواج من أخرى فأغلب الرجال ممن يحيون حياة رفاهية، يميلون لعلاقات مع نساء أخريات، كذلك رجال المجتمعات الفقيرة التي “يطحن فيها الرجل خلال عمله”فيبحث عن وسيلة أو مكان يتخلص فيه من تلك الضغوط بعيدًا عن أسرته وأطفاله، فيذهب للزواج من أخرى لا تحمله أية مصروفات، أعباء أو إرهاق ذهنين وفق تصوره من متطلبات المنزل، لذلك تكون أغلب الزيجات الثانية من مطلقات أو أرامل يوفرن المأوى والمال.
وأضاف: ليس من المهم أن تكون الزوجة الثانية أكثر جمالاً من الأولى ، بل قد تكون أقل لكن فيها من الصفات الأخرى ما يؤهلها لاحتواء عقل وقلب الرجل، كما يوجد رجال يبحثون عن الزوجة الثانية انتقامًا من الزوجة الأولى أو أهلها لشعور الزوج أن زوجته ليست جديرة بالثقة، فياتي لها بـ”الضرة”. وفي المقابل تبحث المرأة عن زوج تجد فيه حنان الأب، سند الأخ، والعوض عن الأهل وقد تنسى أن الزوج يبحث في زوجته عن الأم وحنانها والأخت وحبها وأن يجد بها حاجته النفسية والعاطفية, بالتالي يبحث في محيطه على من يمنحه ذلك مهما بلغ من العمر، فحاجات الرجل للحنان لا ترتبط بعمر.
حلول جذرية
الى ذلك قدمت خبيرة العلاقات الأسرية والزوجية الدكتورة فاطمة الشناوي نصائح عدة للزوجة لتحافظ على بقاء زوجها وعليها ضرورة الاهتمام بمظهرها مثلما كانت قبل الزواج، والاهتمام بما يحب من طعام، وبمشاركة الزوج جميع أموره ومشاكله، وأن تعطي للزوج فرصة بمد يد المساعدة الحقيقية له في الأزمات، وتحاول تغيير نمط الحياة بينهما كل فترة حتى لا يمل ، تخلق من البيت وطنًا لا يخرج منه الرجل ويفضل أن يستمر فيه بعد نهاية عمله بدلاً من خروجه للمقاهي، وتعمل على تنمية وزيادة روابط الحب بينهما، والانتصار له وتقوية عزيمته في المحن، الاهتمام بترتيب المنزل بأدق التفاصيل التي يتمناها، وجعل بيت الزوجية وكأنه جنة له، ومشاركة الزوج حياته وأسراره لا تعكر صفو علاقته مع أهلها أو أهله، فتكون صلة محبة وترابط بينهما حتى وإن كانت الحقيقة عكس ذلك، عندها سيستقيم المنزل ولا يلجأ الزوج لامرأة أخرى.
وأوضحت أن المرأة إذا وجدت زوجها في علاقة مع أخرى، فيجب أن تضاعف الاهتمام به وحثه علي العدول عن قراره ورغبته، إبراز الجوانب الجميلة في علاقتهما، لا تقارن نفسها بالزوجة الثانية لأنه يمكن أن “يعاند” وتعمل على اكتشاف الجوانب التي تنقصها لتكسب قلب زوجها وتملأ عليه حياته ولا تجعله ينظر لأخرى.
وتابعت، أما المرحلة الثالثة ، حينما تتأكد من زواج زوجها بأخرى، فيجب عدم اليأس لأن زواجه قد يكون نزوة وقتية، بالتالي عليها الانتظار ومضاعفة الاهتمام به وعدم المواجهة مع الزوجة الأخرى بأي طريقة وتنشيط علاقات الحب معه, وأن يكون للأطفال نصيب فى تعزيز تلك الروابط بأن تحضر الأسرة كلها مناسبة وتخرج معًا فى نزهة، تتحدث معه عن تفاصيل ومستقبل الأطفال ليعيد الزوج من تلقاء نفسه ترتيب حياته مرة أخرى.
العدل والقدرة
في السياق نفسه، اكد مركز الفتوى بالأزهر الشريف إن الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، لكن إباحته مشروطة بالعدل بين الزوجات، فيما يتعلق بالقدرة المالية والجسدية، ألا تكون الثانية على حساب الأولى في النفقة والسكن وغير ذلك من حقوق الزوجة على زوجها.
يقول تعالى: “وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً”.
وأوضح أن الإسلام لم يجعل علم الزوجة الأولى شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم الزواج بالثانية يكون صحيحًا، وتترتب عليه جميع الآثار الشرعية للزواج داعيا الزوج إلى أن يكون واضحًا وألا يخفى زواجه بل يعلنه أمام الجميع؛ لأنه لا يفعل منكرًا، ولأن إخفاءه لزواجه قد يضر بالزوجة الثانية، قد يوجد عداوة بين أولاده، ولأنه أيضًا يهدم الثقة المتبادلة بين الزوجين، فكتمان الزواج له مشاكل وسلبيات كثيرة.