“الشال”: استنفاد الوقت يُقلّص قدرة الإدارات على تحقيق الاصلاحات أكد أن تعويض الفشل الإداري بقرارات شعبوية سيعمق اختلالات الاقتصاد المحلي الهيكلية
استعرض تقرير الشال الاسبوعي محاور عدة اهمها: الإدارة العامة والوقت الضائع وخصائص التداول في بورصة الكويت خلال أبريل 2022، ثم الأداء المقارن لأسواق مالية منتقاة. وحول المحور الاول الإدارة العامة والوقت الضائع قال التقرير، لقد مضى على تشكيل أول حكومة بعد آخر انتخابات لمجلس الأمة نحو 514 يوم بحلول 12 مايو 2022، أو آخر أيام الأسبوع الفائت، خلالها شكلت ثلاث حكومات واستقالت ثلاث حكومات، آخر الاستقالات كانت بتاريخ 5 ابريل 2022.ضمنها، بلغ عدد أيام عمل الحكومات الثلاث نحو 383 يوما، بينما بلغ عدد الأيام التي مارست فيها تلك الحكومات تصريف العاجل من الأمور نحو 131 يوما، أي أنه كان هناك يوم واحد لتصريف العاجل مقابل كل 2.9 يوم للعمل بصلاحيات يفترض أنها كاملة، والواقع أن عمل تلك الحكومات كان ضائعاً في محاولات لفض النزاعات. تلك ظاهرة مرضية نكاد نجزم بأنها لا تحدث، وفي أحوال عادية، لأي دولة في العالم، ونجزم قطعاً بأنها لا تحدث في زمن فيه عالم وإقليم مضطربان حتى بات المحللون يشبهون أوضاعهما في أحسن الأحوال بحقبة ما قبل اضطرابات ثمانينات القرن الفائت، ويذهب بعضهم إلى مقاربة ما يحدث في العالم بحقبتي ما سبق حربي العالم الكونيتين الأولى والثانية.
ونحن نعتقد أن هناك ثلاثة احتمالات تفسر استمرار سير أوضاع الإدارة العامة في البلد تماماً بعكس المنطق، الأول، يعود إلى قلة الإدراك بخطورة ذلك الفراغ الإداري على استقرار ومستقبل البلد، والثاني، هو الإقرار بالعجز عن القدرة على تشكيل حكومة مختلفة وكفؤة، ما يعني أن غياب أو وجود حكومة، سيان، والثالث، هو المراهنة الخاطئة والمكلفة على شراء الوقت حتى بلوغ صيف طويل وخامل، لعل مرور الوقت يأتي بمعجزة تحل تلك المعضلة الإدارية العالقة.
وإن صدق أياً من تلك الاحتمالات، ونأمل الا يصدق أياً منها، ضياع مزيد من الوقت سوف يعني عجز أي إدارة إصلاحية قادمة عن تحقيق أي إصلاح منشود، “فالهون” في مثل هذه الظروف، “أخطر ما يكون” وليس “أبرك ما يكون”. وأهم مقوضات الأمن الوطني، وذلك للأسف ما يتبلور حالياً، هي، فقدان الثقة بالإصلاح والخوف من المستقبل، تآكل الهيبة والاحترام لمؤسسات الدولة شاملاً سلطاتها الدستورية الثلاث، وتفشي الفساد ونفاذ كبار الفاسدين من العقاب، وذلك قطعاً ليس في مصلحة أحد مهما اختلفت توجهاته السياسية.
وفي الجانب الاقتصادي، وهو الأخطر، سوف يتم التعويض عن الفشل الإداري بقرارات نيابية وحكومية شعبوية تؤدي إلى تعميق اختلالات الاقتصاد الهيكلية، فتنافسيته سوف تقوض أكثر من ضعفها الشديد الحالي، وفجوة المالية العامة تتسع، وتتبخر فرص العمل لنحو أربعمئة ألف مواطنة ومواطن قادمون إلى سوق العمل قريباً، وسوف تزداد فجوة التركيبة السكانية كماً ونوعاً بزيادة طاغية لعمالة هامشية وافدة. وعندما تستقر أحوال العالم الجيوسياسية، ويبدأ هبوط أسعار النفط، سوف تطفوا على السطح كل تلك الأمراض التي كابدتها الكويت في الأعوام القليلة التي أعقبت خريف عام 2014 واستهلكت كل سيولة احتياطها العام، وأدت إلى لجوئها إلى سوق الاقتراض العالمي. ذلك كله لا يمكن أن تفهمه سوى إدارة حصيفة، ولا يمكن تداركه سوى بسرعة تشكيلها، وكان يمكن للكويت أن تكون في وضع أفضل بكثير، لو مثل هذا القرار الحصيف اتخذ في ديسمبر من عام 2020، ولكن، تأخره رغم ضخامة تكاليفه، لا يعني فقدان جدواه.