المشاركة السياسية للشباب
د. خالد الشرقاوي السموني
هناك اجماع على أن الديمقراطية لا يمكن لها أن تكتمل في غياب المشاركة المتساوية لجميع أفراد المجتمع، خصوصا النساء والشباب، كما أن المؤسسات السياسية في جميع أنحاء العالم في حاجة كبيرة إلى زيادة وتقوية مشاركة الشباب.
على هذا الأساس، ينبغي إعطاء المزيد من المساحة للشباب للتعبير عن احتياجاتهم وتطلعاتهم للمستقبل، أيضا، من واجب الأحزاب تأهيل القيادات الشابّة في شتّى المجالات، وإذكاء الشعور لديهم بالانتماء الوطني،وتشجيعهم وإعطائهم الفرصة في التّعبير عن تطلعاتهم وآرائهم، والدفع بهم نحو مبادرات تنموية فاعلة، وإدماجهم في مشاريع التّغيير والإصلاح.
هذا لن يتأتى بطبيعة الحال إلا عبر إرجاع الثقة لدى الشباب في السياسة والمشاركة السياسية التي هي تعبير عن المواطنة، اذ تساعدهم على ممارسة الشأن العام.
هذا مع العلم أن الشباب يملكون الطاقة والقدرة على العطاء، وهم ثروة بشرية قادرة على العمل والإنتاج، إذا فتح لهم المجال للمشاركة بصناعة القرار المتعلق بتدبير الشأن المحلي، والعام ووضع السياسات العامة وتقييمها.
فالمشاركة السياسية للشباب تؤدي دورا مهما في تطوير آليات وقواعد الديمقراطية، وأيضا هي أحد أشكال الديمقراطية الاجتماعية، علما أن تفعيل هذه المشاركة سيقلل من حالة الفراغ، الثقافي والاجتماعي، التي يعيشها هؤلاء، عندما يتم تهميشهم وعدم الاهتمام بقضاياهم، مما قد ينعكس سلبا على أوضاعهم التعلمية والتربوية.
أيضا تعد مشاركة الشباب في الحياة السياسية مفتاح الديمقراطية التشاركية في مجتمعات مثل مجتمعاتنا، كما تعزز في وقتنا الحالي التنمية المستدامة، وتتيح ضخ دماء جديدة في الأحزاب السياسية، وإعادة صياغة السياسة في صلب أنماط التنمية من خلال القدرة الخلاقة للشباب، ودينامياتهم وقدرتهم على إنتاج أفكار وبرامج وإجراءات ذات قيمة مضافة عالية.
لكن مع الأسف، يؤكد الواقع أن نسبة مهمة من الشباب عازفة عن العمل السياسي، وهذا ناتج عن مجموعة من الأسباب، لأن أغلب الأحزاب تحولت آلات انتخابية، وتمثل عائقا أمام انخراط فعال للشباب في الحياة السياسية، بسبب الجمود الذي تعرفه على المستوى التنظيمي والوظيفي وغياب الديمقراطية الداخلية.
فضلا عن تمسك القيادات الحزبية بمواقعها على مستوى الأجهزة التنفيذية للأحزاب، رافضة أي تشبيب على مستوى القيادة، إلا استثناء، وهذا سبب من أسباب عزوف كثير الشباب عن الممارسة السياسية والعضوية في الأحزاب والمشاركة في الانتخابات.
رغم ذلك، هناك شباب يتابعون باهتمام الحياة السياسية رغم أنهم قد يكونوا بعيدين عن الممارسة السياسية والحزبية، كما يعبرون عن آرائهم وتوجهاتهم السياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
مكننا تشجيع مشاركة أكبر للشباب في العمليات الانتخابات عبر التحسيس والتكوين حول تنظيم الانتخابات، وكذلك حول فوائد المواطنة والسوسيو اقتصادية لممارسة سلطة الانتخاب، وبالتالي، يمكن أن يكون الشباب أكثر انجذابا للمشاركة الفعلية في الانتخابات، سواء كناخبين أو أعضاء في الأحزاب السياسية.
ويمكن القول إن انخراط الشباب في العمل الحزبي، يجعلهم يعملون كرافعات لتطوير الأفكار والمبادرات، كما يسهمون في خلق دينامية في النقاش السياسي وإثراء برامج الأحزاب.
حمّل المتحدث المسؤولية للأحزاب والمواطنين، قائلًا إن:” الشباب والكوادر ينفرون من ممارسة العمل السياسي، فيما الأحزاب لا تؤدي دورها في تأطيرهم وتكوينهم وإشراكهم بالمجالس المحلية المنتخبة مسبقًا حتى يستطيعوا تكوين قاعدة لهم”.
وتوجه انتقادات إلى الأحزاب الكبرى لمعاكستها طموحات المواطنين باعتمادها على وجوه تقليدية لا تقدم شيئًا وتسير عكس طموحاتهم.
وعبر عدد من المهتمين بالشأن الحزبي عن استيائهم من اختيارات الأحزاب، لا سيما أن معظم الوجوه التي تم الإعلان عن ترشحها تواجه موجة سخط المواطنين بسبب فشلها في تحقيق التنمية في المناطق المغربية التي تمثلها، كما استغرب المهتمون كون الخطابات التي تسوقها الأحزاب تخالف شعارات التشبيب وتخليق الحياة السياسية، وتؤكد عجزها عن مجاراة التوجهات العامة للبلاد.
أستاذ بكلية الحقوق بالرباط
وبالمعهد العالي للإعلام و الاتصال
creps2014@gmail.com