حكم المحكمة الدستورية… دروس وعبر اتجاه الصميم
نافع حوري الظفيري
هل فعلاً نسعى الى دولة قادرة، واننا نستحق الديمقراطية، وهل يمكن بهذه الفوضى والفراغ في السلطات ان تتحقق التنمية، ام علينا تغيير سلوكنا الانتخابي، وان نحسن الاختيار، وان تؤدي كل سلطة دورها على أكمل وجه حتى نستحق وطنا نفخر به؟
هذه الاسئلة يجب ان نجيب عنها كلنا، ونتخلى عن الحساسيات، والافكار المسبقة، والانتماءات القبلية، والطائفية، والمناطقية، والحزبية، وقبل كل ذلك ان نؤمن بالكويت كوطن نهائي لا بديل لنا عنه، وان نعمل بوعي من اجل انفسنا واجيالنا القادمة، اذ عيب علينا، وبعد كل هذه التجربة الطويلة من الديمقراطية وحكم المؤسسات ان نقع في الاخطاء التي اوجبت إبطال مجلس الامة، والعودة الى المجلس المنحل، وعيب علينا، ايضا، ان نقبل هذا السقوط المدوي للمؤسسات نتيجة المحاصصة بالتعيينات، والنفوذ، ولعبة المصالح.
لقد كان حكم المحكمة الدستورية ناقوس انذار كبير لما وصلنا اليه من استسهال الاجراءات، وعدم احترام المؤسسات، والاهم عدم تقدير المسؤولية الكبيرة على عاتق المشرّعين الذين اتخذوا من مجلس الامة ساحة للمنافع الشخصية، وليس مهمة وطنية لحماية المجتمع، وتطوير الدولة، وكأننا لم ننتفع من تجربة الديمقراطية المستمر منذ 60 عاما، ولم نستفد من تجارب الدول الديمقراطية الاخرى.
اليوم تقع المسؤولية على الجميع، بل يجب ان يكون هناك عمل وطني كبير من اجل ازالة التراكمات المسيئة للديمقراطية، فهل لدولة مثل الكويت، صغيرة المساحة قليلة عدد السكان، ان تكون فيها كل هذه المشكلات، وتتحول الازمات الى خبز يومي لشعبها؟
لن نقول: اتقوا الله في الكويت، لان من يعمل على تخريب المجتمع، والمؤسسات، ومن يتسبب بكل هذا الخراب في البنية التحتية، ويفسد التعليم، ويخرب الصحة، هو شيطان لا يعرف الله، بل هو خائن، لذا نقول: ان على جميع الاوفياء لهذا الوطن ان يتمتعوا بالامانة في النفس، والوطن، ويعملوا على ازالة كل هذه الافات التي تسبب كل الذين عملوا على اضعاف الكويت، وشوهوا صورتها في الاقليم والعالم. لا يمكن للدولة ان تعيش ازمات متتالية طوال عقود، وتستمر بهذه الفوضى ولا احد يحرك ساكنا، او يفكر بمصيره ومصير الاجيال القادمة، الا اذا لم نتعلم من درس الغزو والاحتلال، ولم ننظر الى ما حل في دول اخرى، فهل الى هذا الحد اصبح شعبنا فاقد المناعة الوطنية، ام ان السياسيين والمتنفذين استطاعوا ان يدجنوا الشعب كله؟
علينا كلنا ان نقرأ حكم المحكمة الدستورية بتمعن، وان نقرأ بين سطوره عن الواقع المرير الذي كشف عنه، ويكون الجميع على قدر من المسؤولية في مقاربة الوضع، لان ما تضمنه الحكم فيه الكثير مما يدل على واقع اجتماعي وسياسي وتشريعي، لا يمكن السكوت عليه.
محام وكاتب كويتي
Nafelawyer22@gmail.com