خبراء: أزمة المصارف الأميركية فرصة لعودة رؤوس الأموال المهاجرة جرس إنذار لتنوُّع حقيقي للدخل وإطلاق مدن صناعية جديدة
صادق البسام تداعيات بسيطة على المستثمرين الكويتيين بالأسهم
عبداللطيف الأحمد اتخاذ المزيد من الإجراءات الحقيقية لتنويع المصادر
حجاج بوخضور أزمة إفلاس البنوك الأميركية مفتعلة لأغراض سياسية
محمد رمضان البنوك الكويتية بمنأى عن انعكاسات الأزمة الحالية
تحقيق – ناجح بلال:
يعيش العالم حالياً ازمة مصرفية عالمية بدأت بسلسلة من افلاس بعض البنوك الاميركية والاوروبية في الفترة الأخيرة، ورغم ان البعض يرجع هذه الازمة الى سياسة الفيدرالي الاميركي المستمرة خلال العام الماضي في رفع سعر الفائدة بل ويتوقع ان تستفحل تداعياتها وتمتد لبقعة اكبر في العالم، نجد ان فريقا اخر يرى انها ازمة عابرة وستنتهي قريبا، والتساؤلات المطروحة على الساحة حاليا هل يمكن أن تمتد تأثيراتها على البنوك الكويتية أو على الاقتصاد المحلي؟ وما مصير الاستثمارات الخارجية الكويتية من أزمة إفلاس البنوك الأميركية؟
هذه الأسئلة وغيرها طرحتها “السياسة» على عدد من الاقتصاديين الذين أشاروا إلى أن تلك الأزمة من الصعب أن تصل تداعياتها على الاقتصاد الكويتي ولكن بطبيعة الحال ستمتد التأثيرات للاستثمارات الخارجية الكويتية.
وشددوا على أهمية عدم الانجرار لإيداع المواطن أمواله في البنوك الخارجية خاصة أن البنوك المحلية تتمتع بعنصر الأمان والاستقرار، واليكم التفاصيل:
في البداية يقول رئيس قسم المحاسبة في جامعة الكويت د.صادق البسام إن أزمة إفلاس البنوك الأميركية ربما تصل تداعياتها وتأثيراتها الى المؤسسات الاقتصادية الكويتية والى الجهاز المصرفي الكويتي والى المستثمرين الكويتيين الذين لديهم تعاملات مع اسواق الاسهم العالمية المرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية، مشيرا إلى أن الأزمة لو زادت وتم الاعلان عن افلاس المزيد من البنوك الاميركية وغيرها فهذا الامر سيؤدي حتما لخسائر فادحة في الاستثمارات الخارجية الكويتية كما حدث في الازمات المالية السابقة خاصة وأن الاستثمارات الخارجية الكويتية لها تعاملات مع كافة البنوك الكويتية وهي استثمارات تتركز معظمها في اسواق الاسهم.
ويرى أن البنوك المحلية عليها أن تعيد أصولها المودعة في بنوك عالمية لا تتمتع بجانب حماية مرتفع حتى لا تتعرض لخسائر فادحة ويمكن أن توظف هذه الأموال في الكويت من خلال السعي لتنويع مصادر الدخل.
واضاف البسام أن الخطر القادم على اقتصاد الكويت سيأتي مع هبوط الطلب العالمي على النفط بسبب تراجع النمو العالمي، مطالباً الدولة بالسعى جاهدة لتنويع مصادر الدخل بكل الطرق والوسائل حتى يكون لديها عوائد أخرى غير النفط خاصة وأن دخل الكويت من النفط لازال يشكل 90% من حجم الدخل متسائلا ماذا ستفعل الكويت في حال اعتماد اوروبا على مصادر أخرى بديلة للطاقة خاصة أن دول أوروبا أعلنت أنه مع حلول عام 2035 سيتم الاعتماد الكلي على السيارات الكهربائية التي لا تحتاج لوقود البنزين فضلا عن أن عمر الثروة النفطية لن يستمر إلى الأبد.
انكشاف ضئيل
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي المحلل المالي حجاج بوخضور أن إفلاس بعض البنوك الأميركية من الصعب أن تمتد أثارها للبنوك الكويتية خاصة أنه إذا كانت هناك بعض الأموال لدى بعض البنوك الكويتية في بنك وادي سيليكون الأميركي الذي تم إفلاس فهي أموال قليلة ربما لا تزيد على المليون دينار خاصة وأن هذا المبلغ لا يشكل اي إشكالية لأي بنك كويتي.
وأفاد بأن أزمة إفلاس بعض البنوك الأمريكية مفتعلة لثلاثة أسباب أولها أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد طرح المزيد من العملات الرقمية وهي تمهد الأرضية من خلال إفلاس هذه البنوك، مشيرا إلى أن السبب الثاني هو تخفيض سعر النفط والثالث دعم الولايات المتحدة الأمريكية للبنوك الإسرائيلية.
وأشار بوخضور إلى أن تلك الأزمة المفتعلة فشلت في جر العالم إلى أزمة خاصة وأن بايدن يريد أن يهوي باقتصادات دول العالم لأزمة مماثلة 2008 ولكن ما تم فعله لم ينطل على احد.
وأفاد بأن الاستثمارات الخارجية الكويتية لن تتأثر بهذه الأزمة لأن الشركات التي خسرت كانت تستثمر أموالها في قطاع التكنولوجيا، لافتا إلى أنه إذا كانت هناك خسائر ما في الاستثمارات الخارجية الكويتية فهي خسائر دفترية وسرعان ما ستتحسن أوضاعها.
صناعات جديدة
بدوره يرى الخبير الاقتصادي عادل الحماد ضرورة أن تفصح الحكومة عن اي اثار سلبية لازمة إفلاس البنوك الاميركية على مصارفنا المحلية خاصة وأن بورصات المال العالمية ستشهد المزيد من التراجع فضلا عن ان هناك بنكا ألمانيا تراجعت اسهمه بقوة وهناك انباء على اهتزازات في بعض البنوك السويسرية.
واضاف أن الولايات المتحدة الاميركية لم تدرس تداعيات رفع الفائدة لاكثر من مرة في وقت قصير للغاية وهذا ما أدى الى ازمة الافلاس الحالية، لافتا الى توقعاته بانتشارعدوى الافلاس الى بنوك اميركية اخرى في ظل استمرار سياسة رفع الفائدة، ولعل أكثر القطاعات التي ستتأثر حتما شركات القطاع التكنولوجي المتوسطة والصغيرة التي تلجأ دائماً إلى الدعم المالي.
وطالب الحماد بضرورة الكشف عن الخسائر المتوقعة للاستثمارات الخارجية التي يمكن ان تنتج عن سلسلة افلاس البنوك الامريكية وغيرها، موضحا أن الدولة عليها أن تنوع من مصادر دخلها حيث لا يجوز ان يتم استثمار الاموال الكويتية في الصندوق السيادي في الاسهم العالمية دون الاعتماد على الارباح التشغيلية متسائلا لماذا لا يتم بناء مدن صناعية في الكويت تقوم بصناعة المعدات الثقيلة وصناعات الحديد والسيارات لتفادي أي ازمات مالية قد تنتج في المستقبل سواء للاستثمارات الخارجية أو للنفط الذي يعد المورد الرئيسي للدولة؟
لا توجد أزمة
ويرى الخبير الاقتصادي الكويتي محمد رمضان أن البنوك الكويتية لم تتأثر بافلاس البنوك الاميركية لكون هذه البنوك صغيرة، موضحا أنه إذا كان القطاع المصرفي الاميركي نفسه لم يتأثر إزاء افلاس هذه البنوك فكيف تمتد ازمة الافلاس تلك للبنوك الكويتية ولذا فهذه الازمة ليس لها أي ارتباطات بالاستثمارات الخارجية الكويتية بأي حال من الأحوال. وأفاد بأن بنك الكويت المركزي الكويت سبق وأعلن عن عدم تأثر الجهاز المصرفي الكويتي بتلك الأزمة ولذا فلا داعي للقلق.
جرس انذار
من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي وامين السر السابق لجمعية المحاسبين الكويتية وعضو هيئة المحاسبين العرب عبداللطيف الأحمد أن الكويت لن تتأثر بأزمة إفلاس البنوك الامريكية ولكن هذه الازمة يجب أن تكون جرس إنذار للمصارف الكويتية حتى لا تقع في نفس أخطاء البنوك الامريكية التي اعلنت افلاسها.
وفي رده على سؤال بضرورة زيادة فوائد البنوك الكويتية حتى لا تهرب رؤوس الاموال الكويتية لمصارف دولية، قال الأحمد هذا الأمر بحاجة لدراسة دقيقة تبين هل هناك إمكانية لرفع الفائدة وهل ذلك سيشجع على زيادة الودائع في البنوك الكويتية؟
وهل نسبة 10% كفائدة على الودائع مثلا يمكن أن تكون حافزا لتنشيط الاقتصاد من عدمه.
ولفت الأحمد الى أن البنوك الكويتية بحاجة للأموال الكويتية المودعة في الدول الكبرى وغيرها خاصة أن بنوك تلك الدول أعطت فوائد على عمليات الايداع مبالغ فيها وعندما انهارت عملات بعض تلك الدول كانت هناك خسائر بالمليارات التي لحقت بالكثير من العملاء في تلك البنوك، مشددا على أهمية أن يودع المواطن أمواله في البنوك الكويتية دون العالمية، خاصة وأن البنوك الكويتية تتمتع بالمتانة والثبات.
ورأى الأحمد ضرورة ربط الدينار الكويتي بسلة عملات وليس بالدولار فقط حماية للدينار من تقلبات سعر الدولار.