خلق آدم… معجزة تتحدى دعاة التطور معجزات الأنبياء

0 586

اصطفى اللهُ من البشر رجالاً، هداهم إلى الحق، طهَّرهم وباركهم، وكلَّفهم بان يكونوا لأقرانهم مُبشرين ومُنذرين، ينقلون إليهم تعاليمه، ويبلغونهم بحلاله وحرامه، ولأنه تعالى عليم بذات الصدور، فقد زوَّدهم بقدرات خارقة لسنن الكون، وأيَّدهم بمواهب خاصة وعلامات تنطق بالقدرة المُطلقة لعلَّها تكون سبباً للتقوى والإيمان، وتلك هي معجزات الأنبياء.

إعداد – علا نجيب:

كانت معجزة خلق آدم من طين واحدة من المعجزات الدالة على قدرات الله غير المحدودة، خلقه من قبضة من تراب الأرض المخلوط بالماء، ثم نفخ فيه من روحه ليتجسد على شكل بشر كامل الهيئة، وبالرغم من توجس الملائكة من سلوكه لغلبة الظن عليهم انه سوف يفسد في الأرض، إلا أن حكمة الله غلبت ظنون الملائكة، فأمرهم الله بالسجود لذلك المخلوق تكريمًا له، وأطاعوه جميعهم إلا إبليس فكان عقابه اللعن والطرد من الجنة وغضب الله الابدي.
لكن إبليس لم يشأ ان يترك آدم وزوجه ينعمون برغد الجنة ويحافظون على ثقة الله فيهم ويتمسكون بطاعته، فوسوس لهما ليعصيانه وأغراهم بالأكل من الشجرة المحرمة، وقيل انها شجرة التفاح، وقيل العنب، وقيل كناية عن الوعي والمعرفة، فأكلا ليكتشفا مناطق العورة التي اخفيت عنهم، ويشعرا بفداحة الجرم فندما وتابا، فقبل الله توبتهما ثم امرهم بالهبوط للأرض التي هي دار الشقاء والكد، وظلا بها حتى توفاهما الله.
ويعد خلق آدم بشكل مستقل دون سابق مثال إعجازا لا يقدر عليه إلا الله، فقد اختار عز وجل مادة الخلق من العناصر الرئيسية في الارض ؛ وهي الماء ويعد العنصر الذي جعل الله تعالى منه كل شيء في الكون المنظور الامر الذي اثبته العلم الحديث الذي بات يجزم باستحالة نشوء حياة دون وجود الماء، يقول تعالي في سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا).
أما العنصر الثاني الذي استخدمه عز وجل في خلقه لآدم فهو التراب، وهو أصل كل الأشياء مثل النبات والحيوان والطيور وبدونها لا حياة للإنسان، وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم رواه احمد والترمذي وابن حبان يقول “إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من تراب الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأبيض والأحمر والأسود، وبين ذلك السهل والحزن، وبين ذلك الخبيث والطيب”.
جاء خلق آدم أو الإنسان الأول بواسطة الطين المتكون من امتزاج التراب والماء، وتُرك هذا المزيج لفترة حتى صار حمأ مسنونًا وفي ذلك يقول تعالي في سورة الحجر “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ “، وجاء في تفسير القرطبي ان الحمأ المسنون هو الطين الأسود ذو الصورة المتغيرة، ثم جاءت اهم مرحلة وهي نفخ الروح في جسده.
وتعد تلك النفخة الربانية خير تكريم للإنسان لأنها منحته الافضلية على كثير من الخلق يقول تعالي في سورة ص “إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ” وفي هذه المرحلة ايضا ظهرت ضغينة ابليس، فعندما أبدى الله تعالي رغبته في خلق خليفة في الارض، أراد الملائكة أن ينفذوا إلى الحكمة من وراء ذلك الخلق خاصة أنهم توقعوا – لسبب غير معروف – أنه سوف يفسد ويسفك الدماء، لكنهم لم يعترضوا على إرادة الله، ولما أمرهم أن يسجدوا اطاعوه على الفور إلا إبليس، استهان به وامتنع عن الطاعة وتمرد على حكم الله، فحلت عليه اللعنة واستحق العذاب وسأل الله ان يمهله ليوم القيامة واقسم على ان يغوي ادم وذريته جميعا”قَالَ (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ” ورغم اتفاق جميع الكتب السماوية على معجزة خلق ادم في زمن معلوم لا يتجاوز 60 الف سنة، إلا ان العلم الأوروبي الحديث جاء بنظرية أحدثت ولا تزال تحدث جدلا كبيرا بشأن خلق الانسان، وهي نظرية يزعم مروجوها انها تُسقط الرواية الدينية المشهورة عن خلق الانسان بافتراض انه تطور عن مخلوقات أخرى من فصيلة القرود، إلا انها عجزت عن تفسير توقف عملية التطور في الطبيعة، واستحالة قابليته للرصد والملاحظة، جنبا الى جنب مع انعدام وجود الحلقات المفقودة في تطور الكائنات، إضافة الى فشلها الأكبر في تفسير ظهور كثرة من الطيور والحيوانات في زمن متقارب الامر يتناقض مع مفاهيم التطور والانتخاب الطبيعي ليظل يقين المؤمنين ثابتا بمعجزة خلق ادم من لدن الخالق البديع.

You might also like