“سُلم” الرواتب في الكويت
عبدالعزيز فارس الرشدان
أزمة سلم الرواتب في الكويت إحدى أكبر الأزمات التي يعاني منها الموظفون منذ سنوات، وبعد الكثير من المحاولات من أجل حلها جاء تصريح وزير المالية السابق براك الشيتان خلال مداخلة له في جلسة لمجلس الأمة أن “الكويت تعاني شح سيولة في دفع الرواتب يأتي بسبب ضعف التدفقات النقدية وهو امتداد طبيعي لما تشهده البلاد خلال السنوات الست الماضية من عجز سنوي مستمر وتراكمي وصل الى 28 مليار دينار.
وهو التصريح الذي زاد من حدة الأزمة فقد تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي تقارير حول شح السيولة في الكويت، ومواجهة البلاد صعوبة في توفير رواتب الموظفين، بعدما كان من المتوقع ان النظرة المتفائلة لمستقبل الاقتصاد الكويتي واستقرار الإيرادات ستدفع الى زيادة نمو الإقراض الشخصي.
ويمثل اختلال سلم الرواتب الذي أصبح “مصعدا” خاصة بعد إنشاء الهيئات والمؤسسات الجديدة، وتضخم الرواتب بما لا يتناسب مع جهد العمل وطبيعته، والأمثلة كثيرة على التمايز في الرواتب فالحاصل على شهادة بكالوريوس حقوق ويعمل في وزارة راتبه 901 دينار وتعامله مع الجمهور، ومن يحمل الشهادة نفسها يحصل على راتب 1800 دينار من عمل في مكان آخر ليس به مجهود أو تعامل مع الجمهور.
المفارقة العجيبة أن من يحصل على راتب أقل وظيفته متعبة أكثر ومسؤولياته أكبر، ومن يحصل على راتب أعلى عمله مريح ووضعه افضل، ما تسبب في مشكلة اخرى وهي “الواسطات” عن طريق مجلس الأمة للتعيين بالوظائف ذات الرواتب المرتفعة.
وهو الأمر الذي أدى إلى المطالبة بتعديل الرواتب فيما يتعلق بسلم الرواتب لحل مشكلات كثيرة اجتماعية واقتصادية وأمنية وايضا القضاء على “الواسطات” والمحسوبيات التي دمرت المجتمع وجعلت دور عضو مجلس الأمة نائب خدمات وليس نائب تشريع ورقابة، أتى هذا التفاقم في الأزمة ليزيد الأمر سوءا.
والملاحظ أن المطالبات بتعديل سلم الرواتب ستؤجل في الوضع الراهن بعد تأكيد وزير المالية السابق بأن “السيولة المتوافرة تكفي لتغطية الرواتب لغاية شهر نوفمبر ولا تزال أسعار النفط منخفضة”.
وأضاف أن “قانون الدين العام ضروري لتوفير السيولة في ظل مواجهة الدولة عجزا في الميزانية متوقعا أن يصل إلى 14 مليار دينار (نحو 45.78 مليار دولار)”.
وعن سبل حل المشكلة المالية، قال الوزير إن “عدم الاستقطاع من الاحتياطي العام لصالح صندوق الأجيال القادمة إلا في حال تحقيق فائض في الميزانية يعد أحد السبل لمعالجة الشح في السيولة التي تعاني منه الدولة نتيجة انخفاض أسعار النفط وزيادة مصروفات الموازنة العامة”.
وهو الأمر الذي أحدث ضجة كبيرة في الأوساط الشعبية والنيابية والتي كانت تطالب وتسعى إلى تعديل سلم الرواتب.
في السياق، رجح الكثير من الخبراء الماليين والاقتصاديين سبب تفاقم الأزمة على الميزانية العامة إلى تداعيات أزمة كورونا، وانخفاض أسعار النفط في ظل اتفاق “أوبك” لخفض الإنتاج. ففي الشهر الماضي أكدت وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت عند المرتبة “أي أي سالب” مع تغيير النظرة المستقبلية للتصنيف من “مستقرة” إلى “سلبية” في ضوء التحديات المالية التي تواجه تمويل الموازنة العامة.
بالإضافة إلى التأخر في إنجاز الإصلاحات اللازمة لترشيد الإنفاق الحكومي.
وأخيرا، يبقى السؤال: هل ستبقى أزمة “مصعد” الرواتب في الكويت عالقة إلى أجل غير مسمى؟ أم أن هناك أملا في إيجاد حلول مساندة لأزمة السيولة الحالية؟ من أجل النهوض بالحياة الاقتصادية والاجتماعية لمستوى أفضل، والقضاء على ظاهرة الواسطات، وهو الأمر الذي تطمح اليه مختلف أوساط المجتمع الكويتي.
كاتب كويتي