غليان شعبي جنوبي لن يهدأ إلا بتحقيق أهدافه
عبدالكريم أحمد سعيد
تداعت قبائل يافع، ومعها كل قبائل الجنوب، للحشد الجماهيري في العاصمة الجنوبية عدن (ساحة العروض في خور مكسر) يوم الاثنين الموافق الخامس من أغسطس الجاري، كتعبير عن الغضب الشعبي العارم لأبناء الجنوب تجاه العمل الإرهابي الذي راحت ضحيته كوكبة من القادة، العسكرييين والأمنيين، وفي مقدمهم القائد الوطني الشجاع منير أبو اليمامة، الذي يحظى بحب وتأثير شعبي في الوسط الاجتماعي الجنوبي، ما أشعل الغضب في نفوس الجنوبيين، فأسرعوا لتلبية هذا النداء، من كل حدب وصوب للمشاركة الفعٌالة
بهذه
الوقفة الاحتجاجية السلمية تضامنا مع أسر الشهداء.
وكون الشهيد القائد أبو اليمامة ورفاقه ليسوا رمزا ليافع وحدها، بل لكل أحرار الجنوب، حيث خرج الناس للتعبير عن رفض العنف والإرهاب، ومحاسبة المتورطين في هذا العمل الإجرامي الجبان، وتوجيه رسالة واضحة وقوية للشرعية اليمنية، والتحالف العربي، والمجتمعين الدولي والإقليمي، بأن الجنوب شعب حي يعشق الحرية ويحب السلام، ويرفض الذل والهوان، وهو اليوم في معركة مفتوحة ليس فقط مع الحوثيين، بل مع القوى الظلامية المتخلفة المرتبطة بشبكات الإرهاب الدولي (“القاعدة” و”داعش”)، وان شعب الجنوب سيواصل نضاله بكل الوسائل المتاحة ضد قوى الشر والعدوان، لاستعادة الأمن والاستقرار في المناطق الجنوبية المحررة والعاصمة عدن.
ومطالبة التحالف العربي والمجتمع الدولي والإقليمي إدانة القوى التي تقف خلف هذه الأعمال الإرهابية المستهدفة للقيادات، السياسية والعسكرية والأمنية، الجنوبية ومحاسبتها، والوقوف إلى جانب الشعب في الجنوب لتحقيق تطلعاته المشروعة في استعادة الدولة الجنوبية… دولة النظام والقانون والمؤسسات، لإخراجه من معمعة الفوضى والانفلات الأمني في ظل غياب الدولة، والاعتراف بالقوى الوطنية الجنوبية الحية المتواجدة على الأرض بإرادة شعبية جنوبية، تم تفويضها في في الرابع من مايو2017 (بيان عدن التاريخي) الذي بموحبه تم تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي لقيادة المرحلة الانتقالية في الجنوب، وبالتالي لابد من تسليم قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ومقاومته زمام الأمور في المناطق الجنوبية المحررة، لتثبت الأمن والاستقرار فيها، وتحملها المسؤولية التاريخية تجاه شعب الجنوب، وفقا للتفويض الشعبي المليوني في مايو2017، الذي يعد بمثابة استفتاء لشعب الجنوب.
ينبغي على الإقليم والمجتمع الدولي أن يتفهما ذلك جيداً، كونه الطريق الوحيد لحل الأزمة اليمنية المعقدة والمركبة، بعد فشل الوحدة، وتنصل الطرف الشمالي من الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين السابقتين، بل والانقلاب عليها بشن حربا ظالمة ضد الجنوب عام1994 وإحتلاله بقوة السلاح، وفي عام 2015 تم غزو الجنوب مرة أخرى لتثبيت السيطرة الكاملة، والتحكم بثرواته وموقعه الستراتيجي لخدمة قوى شمالية متنفذة، ولتنفيذ أجندات إقليمية تسعى الى إحكام السيطرة والتحكم بأهم الممرات المائية الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
لقد أثبتت الدولة اليمنية طوال السنوات الأربع الماضية لحرب اليمن فشلها، واستمرار الحرب، التي قد تطول لسنوات أخرى، يدفع الشعبان الجنوبي والشمالي معا ثمنها باهظا، بمزيد من المعاناة الإنسانية؛ والنفسية والمعنوية، وتدمير البنية التحتية للبلدين، وتعميق الحقد والكراهية بين الشعبين الشقيقين.
في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه لمد جسور التعاون والتفاهم والوئام، وخلق علاقات طيبة تساعد
الجميع على الخروج من الوضع المأسوي للشعبين في ظل حرب استنزاف مفتوحة، تجنبا لكوارث إنسانية محدقة ومنعا من تحويل اليمن مرتعا للتطرف والعنف والإرهاب.
المخرج الحقيقي لحل الأزمة اليمنية هو الاعتراف بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم بأنفسهم، ومن دون أي وصاية، ليشكل المجلس الانتقالي الجنوبي حكومة جنوبية مصغرة لإدارة المناطق الجنوبية المحررة، مقابل حكومة أخرى في صنعاء، يلحقها بعد ذلك قرار أممي بفك الارتباط بين الدولتين السابقتين، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، واستعادة مقعديهما في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، وفقا للمواثيق والاعراف والمعاهدات الدولية المنظمه لذلك، ووقف الحرب فورا مع إرسال قوات حفظ السلام الدولية الى حدود الدولتين، والعمل على إيجاد تسوية عادلة وشاملة؛ جنوبا وشمالا، بما يضمن أمن واستقرار اليمن والجيران والمنطقة عامة.
كاتب، ديبلوماسي يمني سابق