“لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”(2 من 2) وقفة

0 246

عبدالنبي الشعلة

…ولثقتها بنفسها وقوة إرادتها وصلابة مواقفها فقد وصفت مارغريت ثاتشر بـ”المرأة الحديدية” التي تمكنت من إنقاذ الاقتصاد البريطاني من الانهيار، وواجهت تعسف النقابات العمالية التي عجز أمامها من سبقها من رؤساء الحكومات وكسرت شوكتها، واتبعت سياسات اقتصادية ليبرالية ورسخت النظام الرأسمالي، ونظرا للتأثير العميق لسياساتها في تاريخ المملكة المتحدة فقد سميت بـ”السياسات الثاتشرية”.
وأمام إعجاب ودهشة العالم انتصرت بريطانيا تحت قيادة السيدة ثاتشر في حرب “الفوكلاند” التي خاضتها في عام 1982 ضد الارجنتين، والتي دارت رحاها لمدة 74 يوما طاحنة وعلى بعد أكثر من 8000 ميل بحري من الحدود البريطانية، بما تعنيه تلك المسافة من صعوبات وعقبات متعلقة بالتموين والدعم والاسناد والإمداد العسكري.
تبعد جزر الفوكلاند عن الحدود الارجنتينية نحو 400 ميل فقط، لكنها تقع تحت السيادة البريطانية منذ عام 1841، وظلت الارجنتين منذ ذلك الوقت تصر على تبعية الجزر لها وتطالب باستعادتها بالوسائل السلمية، إلا أن حكومة الجنرال يوبولدو غالتييري العسكرية الديكتاتورية فاجأت بريطانيا والعالم بالإغارة والاستيلاء عليها بالقوة؛ فقررت ثاتشر طرد القوات الأرجنتينية من الجزر بالقوة أيضًا، وإعادتها إلى السيادة البريطانية رغم ما يكتنف ذلك من مجازفة ومخاطرة، وتمكنت من تحقيق ذلك وانتصرت.
لا شك في أن العرب والمسلمين عندما يتذكرون بمرارة وحرقة السيدة غولدا مائير يتمنون لو أن هذا الحديث كان صحيحا، فقد أمَّر الاسرائيليون هذه المرأة وانتخبوها رئيسة وزراء لدولتهم في عام 1969 بعد أقل من عامين من انتصار إسرائيل الساحق على ثلاث دول عربية مجتمعة؛ مصر وسورية والأردن، وهزمتها شر هزيمة، ودمرت 80 في المئة من عتادها الحربي، واحتلت قطاع غزة وسيناء والجولان والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشريف؛ كل ذلك حدث في ستة أيام فقط.
وتعتبر غولدا مائير من بناة ومؤسسي وقادة إسرائيل، وكانت قد أدت مهمات ديبلوماسية أساسية وحساسة ساهمت في قيام الدولة الصهيونية، منها اجتماعها السري مع الملك عبد الله، ملك الأردن، قبل حرب 1948 بهدف التوصل إلى اتفاق لمنع تلك الحرب.
وبعد قيام إسرائيل عُيّنت غولدا مائير أول سفيرة لبلادها في الاتحاد السوفياتي، ثم انتخبت عضوًا في الكنيست وتولّت منصب وزيرة العمل والتأمين الوطني في عام 1949، بعدها أصبحت وزيرة للداخلية. وقبل انتخابها رئيسة للوزراء شغلت منصب وزيرة الخارجية عشر سنوات متتالية كانت خلالها محاربة صلبة تروج بكل همة ونشاط لقضايا بلدها وتدافع عنها بشراسة وحماسة من مختلف المنابر، وفي المنظمات والمحافل الدولية رغم عدم عدالة تلك القضايا.
وها هي السيدة حليمة يعقوب امرأة مسلمة ما تزال تتربع على كرسي رئاسة سنغافورة التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية، لكنها أصبحت اليوم مركزا إقليميًا للخدمات المالية والمصرفية وصناعة النفط والغاز، وبلغ ناتجها المحلي نحو 500 مليار دولار، وصار معدل دخل الفرد السنوي فيها 100 ألف دولار، وهي اليوم واحدة من أغنى دول العالم وأكثر اقتصاداته تقدما واستقرارا وانفتاحا.
وهناك الراحلة أنديرا غاندي التي كانت رئيسة وزراء أكبر ديمقراطية في العالم، ورئيسة وزراء نيوزيلاندا السيدة جاسيندا أرديرن وغيرهما، والقائمة طويلة تضم سيدات فاضلات أثبتن قدراتهن، وكفاءاتهن، وأهليتهن لتحمل أكبر المسؤوليات وتقلد أزمَّة القيادة والرئاسة والأمارة، وقد أفلحت الأمم والأقوام التي ولتهم أمرها. وشكرا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، للقرار الصادر بإنشاء مجمع للحديث النبوي يهدف الى كشف المفاهيم المكذوبة عن الرسول( عليه الصلاة والسلام)، وإنشاء هيئة للتدقيق في استخدامات الأحاديث النبوية و”القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرفة، وأي نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب”.
حفظهما الله ورعاهما وسدد على دروب الخير خطاهما.

وزير العمل البحريني السابق

You might also like