هكذا نفهم تجربة المرأة الإماراتية مقال رأي

الشيخ فاهم القاسمي

لا شك أن تجربة المرأة الإماراتية تعد من التجارب التنموية المميزة عالميا، وإذا أخذنا بعين الاعتبار العمر الفتي لدولتنا، سنجد أن ما حققه المجتمع الإماراتي عموما، والمرأة خصوصا، يعادل منجزات مسيرة مئات السنين للمجتمعات الأخرى، وكل هذا بفضل تضافر مجموعة من العوامل منحت التجربة الإماراتية بمجملها الخصوصية والتميز على المستويين، الإقليمي والعالمي.
العامل الأهم في نجاح التجربة الإماراتية أنها جاءت نتاجاً للإرادة العامة بشقيها، الرسمي والاجتماعي، أي أنها نتاج لتطور المجتمع بكل مكوناته، دعمته الثقافة الأصيلة، ثقافة جذورها عميقة في موروثنا الشعبي تنظر للجميع بعين واحدة، عين محبة وداعمة ومتفهمة، وهذا يعني أن اعتبار قضية المرأة هي قضية النساء فقط، وأن المكانة الرفيعة للمرأة قد تتحقق بمعزل عن مجتمع يقدر الإنسان ويوفر له كل الموارد ليعمل ويبدع ويثبت مكانته، هو اعتبار ليس في محله ويكرس التفرقة على أساس النوع داخل المجتمع الواحد. هنا لا بد من تأكيد دور الإرادة الرسمية الذي الذي كان حاسماً في نتائج هذه التجربة، والمتمثل برعاية القيادة لطموح الشباب والفتيات والنساء والرجال على حد سواء، وذلك من خلال تطوير السياسات، والتشريعات، وإطلاق البرامج والمبادرات والحملات، وتنظيم الفعاليات التي تحتضن خبراء التنمية والتمكين الاجتماعي والاقتصادي.
ورغم النصيب الكبير للمرأة من هذه الرعاية الحكومية، إلا أنه يأتي في سياق تمكين الموارد البشرية بعامة، وتهيئتها من أجل تكون رائدة في المشروع الحضاري والنهضوي للدولة، ما يؤكد أن القيادة الإماراتية ومعها المجتمع، برواده ومفكريه، تتعامل مع قضية المرأة بوصفها قضية تنموية شاملة وليست قضية جندرية.
أما العامل الثاني في قائمة عوامل نجاح المرأة، فهو وقوف المجتمع الإماراتي ومؤسساته على المفهوم الحقيقي للمنافسة. المنافسة على حب الوطن وخدمته لم تكن يوماً في دولة الإمارات العربية المتحدة بين الرجل والمرأة، بل كانت مع التحديات وسعي نحو تطوير الذات والمهارات؛ ومنافسة تجمع ولا تفرق، وتضع المرأة والرجل في سياق إنساني واحد تذوب فيه المفاضلة على أساس النوع، لتحل محلها معايير أخرى، وهي الانتماء والإخلاص والصدق في العمل، والاجتهاد في العطاء، فهذه المعايير هي التي تحدد القيمة الحقيقية لدور ووظيفة كل فرد.
التكامل الجميل الذي أسست عليه دولتنا بين دور المرأة والرجل بوصفهما أسس ثابتة في كل شيء جعل من الإمارات أيقونة عالمية في التنمية والتطور، وهنا يمكن أن الخص الفكرة بالإشارة إلى ما عبرت عنه اخيراً الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي على منصات التواصل الاجتماعي، أن مهمة المرأة ليست أن تؤدي وظيفة الرجل، بل أن تؤدي ما لا يستطيع الرجل تأديته، في تأكيد ضروري على ما تتيحه خصوصية كل منهما من تنوع وتكامل لا بد منه في الأدوار لتستمر الحياة، وتنهض المجتمعات.
ويتمثل العامل الثالث في أصالة تجربة المرأة الإماراتية، فهي وليدة ثقافة المجتمع وحاجاته وتطلعاته نحو التنمية المستدامة ونحو التميز والتفوق الذي يجلب الفخر لكل إماراتي، ولم تكن يوماً نسخاً لتجارب المجتمعات الأخرى.
صحيح أن المجتمعات تتبادل الخبرات، والمعارف، والتجارب أيضاً، لكنها تفعل ذلك لتعزز معرفتها بذاتها وهويتها الوطنية والاجتماعية، وليس لنقل تجارب الآخرين كما هي نصاً وحرفاً، وإسقاطها بالقوة على واقع غريب عنها. لكل ما سبق، نفخر عندما نقول إننا نعيش تجربة خاصة جاءت نتيجة لتفاعل جميع العناصر السامية في ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، فهنيئاً لنا جميعاً وهنيئا للمرأة الإماراتية بمساهمتها في رسم صورة مشرفة ومتفوقة للدولة أمام العالم.

رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة