هل أتاك حديث الهند
د.معراج أحمد معراج الندوي
الهند هي أكبر دولة ديمقراطية في العالم من حيث عدد الناخبين، وثاني أكبر دولة في العالم بعد الصين من حيث عدد السكان، وكذلك ثاني أكبر دولة بعدد المسلمين بعد اندونيسيا.
الهند ليست مجرد دولة، بل هي شبه قارة، وربما يطلق عليها قارة، أي بلاد عدة في وطن واحد، ومن السمات الرئيسية لها مجتمعها المتنوع، ربما تكون هي الدولة الوحيدة التي تضم العديد من الأجناس المتنوعة في العالم.
يمثل سكان الهند نسبة 17في المئة من سكان العالم، أمّا ديانة السكان، فغالبية السكان يتبعون الهندوسية، لكن هناك بعض الديانات الأخرى التي يدين بها السكان مثلا تبلغ نسبة الهندوسيين 80.4 في المئة، ويبلغ عدد المسلمين نحو 186 مليون نسمة بنسبة 14في المئة من إجمالي عدد السكان كما يعد الإسلام ثاني أكبر الديانات.
أشرقت شمس النهضة مع دخول المسلمين، وبدأت التقدم والازدهار حتى طار صيتها في العالم.
كان دخول المسلمين في هذه البلاد نقطة انطلاقٍ من التخلف إلى التقدم، ومن الجور إلى العدل والمساواة، ومن العبودية إلى الحرية والكرامة الإنسانية، وظهرت جماعة من المسلمين الذين حملوا رسالة الإسلام ونشروا تعاليمه السمحة في جميع أرجاء الهند.
لقد ساهم المسلمون في تكوين الهند وحدة سياسية واحدة ومتكامكلة، مما يزيد فخرا واعتزازا بأنها رغم العجائب والطوائف فهي محل التقدير والإعجاب، وإن مواقف الإبداع والرقي تشير إلى دور المسلمين في الإبداع الحضاري على المستوى العالمي. في العصر الحاضر تغيرت الأمور وقامت الدنيا ولم تقعد بالنسبة لمسلمي الهند إذ أصدر البرلمان في12 ديسمبر عام 2019 قانونا جديدا يعد من أخطر قوانين التمييز ضد المسلمين، ويهدف الى القضاء على المبادئ العلمانية المكفولة بالدستور.
ومن جانب آخر، تشتعل حركات ومنظمات هندوكية متطرفة وتؤجج عاطفة الهندوس، وتضرب على وترهم الحساس وتدعو لإخلاء البلاد من المسلمين وهندوسية الدولة، وتنفيذ جميع الشرائع الهندوكية، ولا مجال فيها إلا لمن يعيش منصهرا في بوتقة العقيدة الهندوكية والتيار الهندوسي. المتعصبون الهندوس في هذه الأيام، يعيشون كالدجاجة المخلاة والإبل الشوارد، يقولون ما شاؤوا، ويفعلون ما يريدون، لكن ليست المشكلة ما يعلنه المتعصبون، إنما في سكوت الحكومة وعدم جديتها حتى في مثل هذه القضايا الساخنة المصيرية.
ومن جانب آخر، هناك الكثير من الهندوس يؤمنون بالتعايش السلمي والاجتماع والحب والوفاء، ويكرهون كل الكراهية التفرُّق والتشتُّت والعنصرية، والاعتداء الطائفي على المسلمين، بل الكثير منهم يساندون المسلمين للوقوف ضد الظلم والطغيان، فليس الحل الحاسم إلا بتكوين الجو الأخوي الهادئ المفعم بالحب والإخلاص والوفاء وتبادل الاحترام، وتعميم رسالات الحب والإخاء.
أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها
بجامعة “عالية كولكاتا” الهندية
merajjnu@gmail.com