أنتِ يا سيّدة الحرف الطَّليق

محمود كرم أتذكّرني، كلّما مسَّني مِن ذاكرة الأمس، شيءٌ من ليلٍ حزين. وحيداً كنتُ أنتظر البحر، يأتي هادئاً مُصغياً في السَّاعةِ مِن منتصف القلب. أُخبره عما كانَ وما كنتُ، وعن كثيرٍ مِن ذاكرةٍ ملأى بأحاديث العشّاق، وعن الذينَ يرحلون ولا يعودون، وأمنياتٍ اندثرت تحت تراب الأمنيات، وآمالٍ تلاشتْ في الضباب، وأوقاتٍ منذورةٍ للفراغ، وعن صباحاتٍ وقصائدَ لم تكتمل. وتركتُ عند ناصية النسيانِ، وجعاً من خراب الأمس، وما لبثتُ أنْ عدتُّ. أتفقّدني مليّاً في احتشاد الذاكرة، وفي عينيّ تتدفّقُ لمعةٌ مِن حنين اللقاء. أتراها تجيء، أمْ تتركني…

الإنسان في فلسفة التعبير (2 من 2)

محمود كرم ...تعرفُ أنّكَ موجودٌ بِالقدر ذاته من وجودكَ كائناً تعبيريّاً حرَّاً، وتستطيع أنْ تكونَ موجوداً أيضاً، حين تكونُ موجوداً بالقدر ذاته من قدرتكَ على تجاوز ضحالة التعبيرات المقيّدة والمحدودة. فوجودكَ إنساناً وفيّاً لحريّتك في التعبير، يساوي وجودكَ إنساناً قادراً على تجاوز المعيقات والرواسب وانغلاقات التعبيرات الخانقة. ولأنّك موجودٌ عليكَ أنْ تتجاوز دائماً تلك الأبواب المغلقة، التي تسجنكَ عاجزاً في حدود التعبيرات التلقينيّة واليقينيّة. وتعرفُ أنّ وجودك التعبيريّ مرهونٌ بقدرتكَ على البحث عن حريّتك من وراء تلك…

الإنسان في فلسفة التعبير (1 من 2)

محمود كرم في علاقتنا مع الأشياء التي نحبّها، وتلك التي نريدها ونسعى إليها، دائماً ما نرغب أنْ نشعر بأهميّتها في تكويننا الثقافيّ والشعوريّ. ولذلك عادةً ما نسعى إلى التواصل معها من خلال مهارة التعبير الحر. ومن شأن ذلك أنْ يبعثَ فينا تجاهها جماليّات الارتجال والتلقائيّة والابداع والخَلق والتميّز، بعيداً عن سذاجة التلقينات المعتادة، وضحالة التعبيرات الجامدة والمحدودة. إنّكَ في أحيانٍ كثيرة، ترغبُ بأنْ تعبّر عن شيءٍ ما يهمّك، أو يعنيكَ تماماً، أو تجده ملهماً لذاتك، أو تعتبره طريقاً إلى خلاصك، أو ترى فيه جمالاً وسحراً، أو…

في أنْ يحضر الإنسان جميلاً (2 من 2)

محمود كرم فنّ الحياة، كما أحسبه دائماً، هو فنّ التعالق والتقدَّم الأخلاقيّ مع الآخر، إنّكَ لا تستطيع أنْ تخلقَ مِن الحياةِ فنّاً، ومن الفنّ حياةً، إلاّ حينما تجد أنّ الآخر يملكُ أنْ يمنحكَ من أخلاقهِ أخلاق الثّقة الكاملة، في أنْ ترى نفسكَ على نحوٍ جديدٍ وأجمل، وهو الآخر لا يحضر جميلاً، إلاّ حينما يرى ذاته وقد تعالقتْ وتقدَّمتْ أخلاقيّاً مع وجودك، إنكما في هذا الفنّ من صناعة الحياة الجميلة، تتشاركان في تقديم الأخلاق، على إنّها جوهر المشترك الإنسانيّ بينكما، أخلاق التكامل الذي يتأسَّس إنسانيّاً على فنون التوافق الشّعوريّ،…

في أنْ يحضر الإنسان جميلاً (1من 2)

محمود كرم أنْ تحضرَ جميلاً، ليس بعيداً في أنْ تكونُ هذه حقيقتكَ أيّها الإنسان، فمتى كنتَ قادراً على أنْ تملكها، كنتَ قادراً في الوقتِ نفسه على أنْ تملكَ ذاتك، فالإنسان في جوهرهِ الأخلاقيّ، باحثٌ دؤوب عن ذاته في كلّ ما يربطها بهذه الحقيقة، حقيقة أنّه أصبح يرى في المشترك الإنسانيّ، باعثاً على استنطاق وجودهِ، وفقاً لإرثهِ المعرفيّ الذي يتلخّص في كوْن الإنسان، يبقى مالكاً لذاته واختياره وقراره وحريّته، وامتلاك هذه الحقيقة يعني في الأصل، أنْ يمتلك الإنسان وعيه الذي يجعلهُ يصون ذاته من الانغلاق والتعصَّب والجهل والجمود…

الإدراك في العقل الفلسفيّ

محمود كرم أرى أنّ مَن يستطيع أنْ يقدَّمَ دائماً الأفضل إلى ذاته، قادرٌ في الآنِ نفسه على أنْ يكتشفَ أخطاءه هنا وهناك، لأنّه أصبح يعرفُ أنّ الأفضل له، عليه أنْ يأتي به ولا ينتظره أبداً، ذلك أنّ مَن ينتظر الأفضل له، فإنّه بالتّأكيد لا يملكه ولا يستطيع أنْ يجده، بينما مَن يسعى إلى الأفضل لذاته، يملكُ أنْ يبدعه، ويملكُ أنْ يأتي به مِن أعماقه ومِن تجربته ومِن إدراكاتهِ ومِن اختياراته ومِن افهاماته، ولذلك يستطيع أنْ يكتشفَ أخطاءه، لأنّه يتطوّر ولأنّه يتقدَّم ولأنّه يتجاوز، ولأنّه معنيٌّ في الأساس بمعرفةِ ما يجعلهُ حرَّاً دائماً…

أخطأتم بقراركم… العطاء يبدأ بعد الـ 60

محمد كرم بهبهاني بلوغ سن الستين ليس معناه نهاية الحياة وتوقف العطاء، فهناك رجال يبدأ نبوغهم بعد الستين، خصوصا في حياتهم العملية، فالوصول الى هذا العمر هو قمة الخبرة العملية والحياتية، ما يعني ألا نعامل البالغ من العمر ستين عاما معاملة "خيل الحكومة"، بضربه في مقتل، من خلال منعه من العمل، وهو في قمة عطائه. هذا ما أثبتته الدراسات العلمية، ففي أميركا،على سبيل المثال، نُشرت دراسة تؤكد أن العطاء الحقيقي للرجل يبدأ بين الـ 60 و70، واستشهدت الدراسة بمتوسط أعمار الفائزين بجائزة "نوبل" الذي بلغ 62 عاما، ومتوسط عمر الرؤساء…

الحبُ والمعرفة… فلسفيّاً (2 من 2)

محمود كرم ...مَن يبحثونَ عن حقيقتهم في آفاق المعرفة، عادةً ما يجدونها ناصعةً في تجلّيات الذاكرة المعرفيّة الإنسانيّة. إنّهم في حقيقتهم هذهِ يملكون من رصيد الذاكرة امتداداً معرفيّاً، يذهبُ بهم بعيداً إلى بدايات ادراكات الإنسان في محاولات التفسير والفهم والتفكير والتّفلسف. ويأخذهم في الوقتِ ذاته إلى الذاكرة المعرفيّة في امتداداتها الحاليّة والمستقبليّة، عبر كلّ الاجتهادات المعرفيّة الإنسانيّة الخلاّقة المستمرة في حقول العلم والفكر والفلسفة والآداب، ولذلك أجد إنّهم عادةً ما يكتسبون قيمتهم الذاتيّة من ثقتهم الرصينة في عقولهم…

الحبُ والمعرفة… فلسفيّاً (1 من 3)

محمود كرم أحسبُ أنّكَ تؤمن بِالمعرفة، لأنّك تجد فيها انعتاقكَ من الجهل والتّخلف والانغلاق والبلادة. وكذلك أيضاً، أحسبكَ تؤمنُ بالحبّ، لأنّكَ تجد فيه خلاصكَ مِن الكراهية والحقد والعنف والتّعصَّب. وتعرفُ واعياً أنّ الاسترشاد بِالمعرفة يتطلّبُ منكَ الجهد والإخلاص والانفتاح والمتابعة والبحث والتأمّل، وتعرفُ أيضاً أنّ الوعيَّ بِالحبّ يتطلّبُ منكَ فهم حريّتكَ في اختيار حقّكَ الإنسانيّ، ويتطلّبُ منك بِالقدر ذاته اكتشافكَ لِجمال الحبّ في ذات الآخر، ويتطلّبُ منكَ دائماً معرفتكَ الواعية بِما تنطوي عليه الكراهية والعنف والتعصَّب من…

الحياة في فلسفة الذّاكرة

محمود كرم Tloo1996@hotmail.com قد تبدو الحياة في أحيانٍ كثيرة مثل قصَّةٍ في صورة، تستمرُّ تنسجها من واقعكَ الذي تريده أنْ يتهادى حاضراً في تناسلات الذاكرة، ولذلك تشعر دائماً كم تعبركَ الصُّور والأحاديث والأفكار الناطقة بالأشواق واللهفات والتجلّيات والمسرَّات والموجعات أيضاً، وتبقى تنثرها هنا وهناكَ على قارعة الأيّام ، ولكنّكَ تمضي حثيثاً إلى غدكَ الذي يمنح عمركَ عمراً من الذكريات . ها أصبحتَ تعرفُ أنّ عليكَ أنْ تمضي حرَّاً وأنيقاً في فكركَ وعقلك، ولذلك لم تعد تُحصي ما تهدَّم منكَ سابقاً، ودائماً ما تتركه يتلاشى في…